المساء
عصام سليمان
بالعقل النشطاء.. هل يتعلمون؟!
توقفت كثيرا أمام قصة المجند البطل محمد أيمن شويقه ابن بلدة كفر سعد بمحافظة دمياط والذي افتدي زملاءه بجسده في عمل بطولي رائع دون تفكير للحظة واحدة في أنه سيكون مجرد أشلاء عندما يقدم علي هذه التضحية والبطولة المتفردة.
كان المهم عنده أن تنجح المهمة المكلف بها وأن يحفظ حياة الزملاء الذين رافقوه المهمة بمعداتهم.. لم يسأل نفسه عن الثمن والمكسب والحياة التي سيودعها.. بل كان همه الأول حماية مصر وزملاء له من الغدر والغدارين.
ما أجمل هذا العطاء الكبير في مواجهة فئة باغية تريد أن تدمر بلادنا وتوقعنا في بحور من الدماء علي شاكلة ما يحدث في سوريا واليمن والعراق.
لم يفكر هذا الشاب ابن العشرين ربيعا في نفسه بأي حال من الأحوال.. ولم يقل نفسي نفسي.. فالعمر أمامي والدنيا مازالت تفتح لي ذراعيها وذلك عندما شعر بالخطر يقترب من الجميع.
في لحظة واحدة فكر ونفذ وتقدم بجسده واحتضن أحد العناصر التكفيرية ليمنعه من تنفيذ مخططه تفجير نفسه في ثمانية من زملاء هذا البطل.
الحكاية ببساطة كما ترويها الصحف أن محمد كان ضمن قوة من الصاعقة بشمال سيناء تداهم موقعا للتكفيريين بمنطقة زارع الخير في قرية المساعيد بالعريش.. وهذه القوة تضم ضابطين و4 جنود و2 من السائقين.. وحاول أحد هذه العناصر التكفيرية وكان يرتدي حزاما ناسفا أن يتقدم تجاه القوة ليفجر نفسه في الأفراد والمعدات لتكون الخسائر كبيرة.
فطن محمد للأمر فسارع باحتضان الإرهابي قبل أن يتمكن من الاقتراب من زملائه لينفجر هو ويتحول جسده إلي أشلاء نتيجة للقوة التفجيرية للحزام الناسف وليفتدي زملاء قوة المداهمة.
البطل نموذج للمصريين البسطاء الذين يفتدون الوطن بأرواحهم دون ضجيج فهو من مواليد أول يناير 1995 وحاصل علي مؤهل متوسط دبلوم صناعي.. ولم يكن من هؤلاء الناشطين الذين يصدعوننا ليل نهار بأحاديث ما أنزل الله بها من سلطان لتفجير المشاكل والانقسامات والفتن.. رغم اننا في حاجة إلي الاصطفاف والعمل لانجاز بناء الدولة وتحقيق التنمية والرفاهية والعدالة الاجتماعية التي نحلم بها.
هذه هي النماذج التي يجب أن نتحدث عنها كثيرا ونعطيها حقها من التكريم والتقدير والعرفان بما يليق بالعطاء الذي قدمته.. وأن تكون قصصهم في برامج التوك شو بدلا من النجوم التي تصنعها هذه البرامج ممن يدعون أنهم النخبة.. لكنهم أبعد الناس عن العطاء الفعلي علي أرض الواقع.
أعادتني هذه البطولة إلي بطولات كثيرة مماثلة لبواسل آخرين خلال حرب اكتوبر المجيدة لتحرير تراب الوطن من الاحتلال الإسرائيلي عندما كان جنودنا يفتحون حقول الألغام بأجسادهم ليمر عليهم زملاء لهم ويقتحمون نقاط خط بارليف الحصينة.. وأيضا ذلك الجندي البطل الذي شاهد في احدي النقاط مدفعا دائريا يمنع اقتراب أحد من المكان فهجم علي فوهة المدفع واحتضنها بجسده ليعطي لزملائه الفرصة في الالتفاف ودخول هذه النقطة.
هؤلاء هم البواسل في جيش مصر العظيم والذي يتكون من أخي وأخيك وابني وابنك وخالي وخالك وعمي وعمك.. الخ من أبناء مصر.. ورغم ذلك سمعنا في وقت من الأوقات بعض الذين يأخذون التعليمات من الخارج يهتفون ضد هذا الجيش رغم أنه خط أحمر.. لماذا؟!
لأن من يصدرون التعليمات لهؤلاء "الهتيفة" لا يريدون لنا أن نقف علي أقدامنا.. ويريدوننا تابعين خانعين لهم.. لكننا بعون الله لن نحقق لهم أغراضهم طالما لدينا جيش مصر الباسل الذي بناه محمد علي مؤسس مصر الحديثة من أبناء مصر الذين يضحون بأنفسهم من أجلها.. ولا يريدون من أحد جزاء ولا شكورا.
في جنة الخلد يا محمد مع الصديقين والشهداء.. فهل يتعلم النشطاء؟!
أتمني.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف