محمد جبريل
ع البحري اختيارات مني الشاذلي
كنت من غلاة المتابعين لبرنامج مني الشاذلي "العاشرة مساء". أضبط إيقاع يومي علي موعد بدء البرنامج حتي نهايته. تنتقل فيه مني الشاذلي بين الكثير من القضايا. بدءا بالسياسة إلي المواهب الشابة في المجالات المختلفة. تركت الشاذلي برنامجها - في ظروف لا أعرفها - إلي برنامج مماثل - اختلفت تسميته - في قناة أخري. وإن أبدي المهندس أحمد بهجت صاحب دريم أسفه لأنها هي التي اتخذت قرار الانتقال إلي القناة الثانية. كان عدم انتظام مواعيد البرنامج في القناة فضلا عن إنهاء الإرسال أثناء الحوار. وقلة المادة الإعلانية - والادعاء لمسئولي القناة - سببا في توقف برنامج مني الشاذلي.
توقعت أن يصادف وائل الإبراشي حظا عاثرا في تقديمه للبرنامج. لكنه استطاع - في فترة قصيرة - أن يجعله مادة يومية لغالبية البيوت المصرية بتقاسيمه الحزينة التي تجيد العزف علي الوجدان المصري.
عادت مني الشاذلي إلي قناة بي بي سي ببرنامج تقدمه مرتين كل أسبوع يقتصر علي الحوارات والتصفيق بما لا يختلف عن الكثير مما تقدمه غالبية برامج التوك شو. ظلت في ذاكرتي مواجهتها الشهيرة للمستشار أحمد مكي وزير العدل الأسبق. ومواجهات أخري ساخنة وجادة. حلت بدلا منها برامج خفيفة تزعم الجدية أحيانا. وتأثرت لمشاركة مني الشاذلي بالتصفيق. وتوقعت أنها ستنهض لتشارك بالرقص!
أرادت الشاذلي أن تجتذب المشاهدين في مسابقة لأجمل ما أثمر العام في مجالات الإبداع.. لكن التوفيق خانها كالعادة. حددت ثلاثة أو أربعة أعمال يختار منها المشاهد عملا وحيدا. الغريب أن معظم اختياراتها لروايات لم نقرأها. وأغنيات لم نسمعها. وأفلام لم نشاهدها. فرصة المشاهد في اختيار عمل العام لا تجاوز اختيارات السيدة الشاذلي. أما من أعجب بعمل ما قرأه أو سمعه أو شاهده. فإن عليه أن يحتفظ بإعجابه لنفسه!
أميل إلي الحديث عن عمل أعجبني. لكنني أكره أفعل التفضيل. لا أحد تابع كل الإصدارات. والاختيارات لا تنطلق من نظرة موضوعية.
وأذكر أن بعض الإعلاميين الشباب كانوا يحفزون ذاكرتي بالقول: نغششك؟ ويذكرون أعمالا أشار إليها متحدثون سابقون. ولأنني تابعت أعمالا أخري. فأنا أتحدث عنها.
الظاهرة - بالقطع - تتكرر مع آخرين. يجاملون باختيار من يقترحهم الإعلاميون الشباب. وتفرض ظاهرة الأفضل اختيارات غير حقيقية.
إذا أضفنا إلي هذه الوسيلة سلة مني الشاذلي التي قصرت اختياراتها علي عملين أو ثلاثة. فإن الأمر يتحول إلي مصادرة لاختيارات ربما تكون أشد تعبيرا وصدقا عن واقعنا الإبداعي.
يا مني العاشرة مساء: أين أنت؟