شوقى السيد
السيرة الذاتية للمترشحين !
أغلقت اللجنة العليا للانتخابات أبوابها عند الساعة السابعة مساء الأربعاء الماضى، حيث بلغ عدد المتقدمين للترشح لمجلس النواب
وفقاً لآخر تصريحات اللجنة 7416 مرشحاً على المقاعد الفردية والقوائم الحزبية يتنافسون على 540 مقعداً وعلى ثقة الناخبين بدوائرهم، تبدأ بعدها الطعون أمام القضاء من اليوم ولمدة خمسة أيام ، وعلى مدى تاريخ الحياة البرلمانية فى مصر ومنذ لائحة مجلس شورى النواب المصرى فى فبراير عام 1882 وأول قانون للانتخاب فى أول مايو 1883 وحتى دستور مصر 2014 وقانونى مباشرة الحقوق السياسية ومجلس النواب يونيو 2014، جمعت كل هذه القوانين على دى العهود السابقة شروط الترشح والانتخاب والجزاءات والعقوبات على مخالفتها.
والجديد الذى قد لا يعرفه كثيرون، أن المادة 10 من قانون مجلس النواب الجديد اشترطت ولأول مرة أن يتقدم المترشح بطلبه مصحوباً بالسيرة الذاتية.. كما اشترطت كذلك أن يرفق بطلبه صحيفة الحالة الجنائية ولا يغنى أحدهما عن الآخر ، فضلاً عن باقى المستندات والشروط الأخرى، هذه الشروط يجب توافرها سواء ممن يتقدم للترشح على المقعد الفردى.. أو ضمن القائمة ليرفق المترشح بطلبه بياناً بالسيرة الذاتية.
وتقع جرائم الانتخاب والترشح فى باب التجريم والعقاب ، ومنها ما يقع فى دائرة الجرائم الأخلاقية ، فالمترشحون الذين يتقدمون بأوراقهم للإذاعة والوجاهة ، أو للابتزاز والفتوة ، أو للتحدى وإثارة الفتن ،أو لإنتحال الصفة لإقامة الطعون الكيدية والشغب ثم التنازل بعد القبض ، وأولئك الذين أفسدوا الحياة السياسية وارتكبوا أفعالاً من الغدر والتزوير والعدوان على المال العام أو التدخل فى شئون القضاء.. أو جمعوا سوء السيرة والسمعة، كل هؤلاء وأولئك، حتى ولو لم تصدر ضدهم أحكام قضائية بالإدانة، يرتكبون جرائم أخلاقية ويُصنفون فى باب الجرائم والآثام عند الترشح والانتخاب ولهذا كانت شهادة السيرة الذاتية ولأول مرة واحدة من الأوراق اللازم تقديمها مع طلب الترشح بل وأول هذه المستندات!!
كذلك ليس كل من تصل أوراق ترشحه إلى اللجنة.. أو خاض الانتخابات فى دائرته.. أو حتى لو نجح فى الإنتخابات، بالأساليب والطرق المعروفة التى رسخت فى المجتمع على مدى سنين عددا.. ليس أى من هؤلاء الذين يتمتعون بسوء السمعة وإفساد الحياة السياسية يعتبرون نواباً عن الأمة، حتى ولو نجح أى منهم فى الانتخابات، وحتى ولو كانت القاعدة البرلمانية القديمة التى قررتها لائحة مجلس النواب منذ عام 1882 بالمادة نمرة 26 «أن كل نائب يعتبر وكيلاً عن عموم اهالى القطر المصرى لا عن الجهة التى أُنتخب فيها فقط» اذ يظل حكم الشعب ونظرته إليه على أنه آثم فى حقه وحق الوطن، لأنه سيئ السمعة، حتى ولو كان حسن الحظ ونجح فى دائرته الإنتخابية، وستبقى هذه الحالة كاشفة لشخصه، تجعله عاجزاً عن مباشرة أعباء مسئولياته البرلمانية تحت قبة البرلمان بين زملائه المنتخبين الذين حظوا بحسن السمعة وثقة الناخبين.
فمن يتصور أن مرسى .. أو غيره من المنتمين للجماعات الإرهابية، كان يمكنهم أن يرشحوا أنفسهم لمجلس النواب، لأنه لم تصدر ضدهم أحكام قضائية بالإدانة، ولو كانوا خلف القضبان، بل ولو كان بعضهم خارج القضبان فى تهم من الجرائم الخطرة وأمن الدولة العليا والتخابر، ولربما كانت اللجنة تقبل أوراق الترشح.. شأنهم شأن غيرهم ممن اساءوا إلى البلاد وارتكبوا أفعالاً مخلة بالشرف وجرائم أخلاقية، وجنايات مقيدة ضدهم ومازالت متداولة ولكن لم تصدر فيها أحكام بالإدانة.. ومع ذلك تحدوا إرادة الشعب.. وتقدموا بأوراق الترشح للبرلمان فى دوائرهم الانتخابية الضيقة!!
واللافت للنظر أن الدستور الحالى على طوله وعرضه وقد جمع 247 مادة، لكنه لم يتضمن سوى ثلاث مواد فقط فى شأن الترشح للانتخابات البرلمانية المواد «87، 88، 102» وأحال التفاصيل والشروط الأخرى إلى القوانين، ولا تعقيب، لكن اللافت للنظر أيضاً وهو فأل حسن، ما اشترطه قانون مجلس النواب فى المادة العاشرة ولأول مرة وأوجب على المرشح الفردى أو القائمة، تقديم بيان يتضمن السيرة الذاتية .. مع صحيفة الحالة الجنائية ولم يكتف بصحيفة الحالة الجنائية وحدها.. فهل تفطن اللجنة العليا للإنتخابات إلى مغزى هذا الشرط وحكمته، وهو فى حقيقته الشرط المقابل «لحسن السمعة» ويلزم توافره فى تولى الوظائف العامة، وأولى عند الصفة النيابية عن الأمة كلها، فضلاً عن الشروط الأخرى التى بلغت ستة شروط فى قانون مجلس النواب وثمانية شروط أخرى فى قانون مباشرة الحقوق السياسية وتقع مخالفتها فى دائرة التجريم والعقاب.
ولسوف تظل آثار مخالفة تلك الشروط التى جمعتها التشريعات القائمة وعهدت بتطبيقها إلى اللجنة العليا للإنتخابات، وأخصها السيرة الذاتية للمترشح، سوف تظل واضحة ومحددة ، تبحث عمن يطبقها بصرامة وجدية ، وليست كالسابق، وهى فى عهدة اللجنة العليا للانتخابات وفى ذمتها.