الأخبار
شريف خفاجى
صناعة العشوائيات !
تواجه الدولة منذ سنوات طويلة حرباً ضروساً مع العشوائيات، وكلما تولت حكومة سارعت بوضعها في مقدمة الأولويات للقضاء عليها، ولكن جميع الحكومات ذهبت، واستمرت العشوائيات لتؤكد أنها أقوي من كل الحكومات!
فلم تنجح حكومة واحدة من الحكومات التي تعاقبت خلال السنوات الماضية في القضاء علي العشوائيات، ولا حتي تقليص حجمها، وعلي النقيض فقد شهدت المناطق العشوائية تضاعفاً سجل رقماً قياسياً وغير مسبوق في أي مكان في العالم!
المثير أننا في الوقت الذي نفشل في مواجهة العشوائيات، ننجح ببراعة شديدة في صناعتها، وبدلاً من أن نتمكن من حصارها، نفعل العكس بنشرها في مناطق جديدة!
والمدن الجديدة خير شاهد ودليل علي ما نرتكبه بأنفسنا وبأيدينا، يوماً بعد يوم تتحول هذه المدن إلي مناطق عشوائية ليتم إضافتها إلي ملف اصفرت أوراقه من كثرة السنوات التي مرت عليه، ونبدأ من جديد رحلة البحث عن ملايين الجنيهات التي نعالج بها أخطاءنا!
أليس هذا هو الواقع الذي نعيشه والذي تجسد في مدينة ٦ أكتوبر التي كانت أشبه بعقد من الألماس فإذا بها تتحول إلي قبح متعمد في كل شيء، يجعل كل من هربوا إليها، يفكرون اليوم في الهرب منها؟
والواقع الأكثر ألماً يتجسد في مدينة الشيخ زايد والتي كان يضرب بها المثل بأنها المدينة الوحيدة التي تخلو من وجود أي منشآت صناعية، انظروا إليها الآن وكيف تحولت.. أفران للخبز البلدي والأفرنجي أسفل الوحدات السكنية.. ورش لحام تعمل ليل نهار.. فجأة أصبحت هذه الأفران والورش أمرا واقعا ووضع أصحابها في داخلها قنابل جاهزة للانفجار في أي لحظة هي اسطوانات البوتاجاز التي يعملون بها دون أن يبادر مسئول واحد بالمواجهة قبل وقوع الكارثة.
وتزامن مع هذه الهجمة انتشار للمقاهي البلدي وسط الأحياء السكنية، واستيلاء سائقوا الميكروباص علي قطعة أرض فضاء لتكون موقفاً لهم رغما عن أنف سكان المنطقة. ولم تكن تلك هي كل المشاهد. فقد قام شخص باستغلال أحد الأرصفة كمعرض لبيع السيارات المستعملة لأشهر ولولا تدخل المواطنين لاستولي علي الرصيف.
أين المحافظ وأين الوزير وأن هم رؤساء الأحياء.. بل أين رئيس الوزراء المهندس ابراهيم محلب الذي لا يتوقف عن جولاته، فلماذا لم يتوجه إلي هذه المدن ليشاهد بنفسه كيف نصنع المناطق العشوائية بأنفسنا وكيف نحول الجمال إلي قبح!
لا نريد مناطق عشوائية جديدة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف