الوطن
نشوى الحوفى
بعضٌ من عطائكم يزيد الحياة جمالاً
لن أحدثكم فى السياسة أو المنطق أو الأحداث اليومية والعالمية والعربية والإقليمية. دعونا من كل تلك الأمور المنهكة المكررة التى تسرق إنسانيتنا كل لحظة بين مشاعر المفاجأة أو الدهشة أو الحزن أو التوتر. دعونى بابتسامة ترتسم على وجهى الآن وأنا أكتب كلماتى لكم أحدثكم عنكم كمصريين تنتمون لجنس البشر الكونى الذى أصاب بعضه ما أصاب، وفاز بعضه الآخر بما فاز. دعونى أحدثكم عن النعم التى ننعم بها فى بلادنا رغم كل مظاهر الفقر والعشوائيات والجهل والمرض، دعونى أحدثكم عن الخير المحيط بكم والنابع من داخلكم فى محاولة لتغيير ملامح المجتمع حولنا، ولو بإسهام منحه أى فرد منكم للحياة ليمنح بعضاً من المصريين الابتسامة أو النفع.

أحدثكم عن «سلمى البكرى» السيدة التى تمتلك مدارس دولية من تلك النوعية التى يُدفع فيها مبالغ مرتفعة للغاية وتتعامل مع الطبقة الثرية فى المجتمع، ولكن هذا لم يمنعها من أن تمنح المجتمع مساهمة براقة حين قررت فتح أبواب المدرسة الخاصة بها لتدريب مديرين ووكلاء المدارس والمدرسين العاملين فى المدارس التجريبية فى كل أنحاء مصر، والبالغ عددها 752 مدرسة. فعلت سلمى البكرى ذلك عبر مبادرة أطلقت عليها «التعليم أولاً» لإيمانها أنه أساس التغيير الذى يبدأ من رأس العملية التعليمية وليس كما يفعل وزراء التربية والتعليم بتغيير المنهج بالحذف أو الإضافة. فعلت سلمى البكرى ذلك وهى بغير حاجة إلى حمل ذلك الهم الضخم أو التكلفة المرتفعة للتدريب والانتقالات والضيافة وكلها تم تقديمها بالمجان للمنتمين للمدارس التجريبية فى بلادى. فعلت سلمى البكرى ذلك وعينها على مليون طالب من أبنائنا يدرسون فى تلك المدارس أدركت أنها يمكن أن تقدم لهم شيئاً ذا قيمة حتى لو لم يعرفوا ما فعلته لهم. ألا يعد ذلك إسهاماً رائعاً فى الحياة يزيدها رونقاً؟

أحدثكم عن دكتور شريف أبوالنجا المسئول عن فكرة ومشروع مستشفى 57357 منذ سنوات. فلم يقدم لمصر نموذجاً رائداً فى عالم الطب مجانى الخدمات وبأعلى درجة من الكفاءة وتحقيق النتائج وحسب، بل يواصل منحه الحياة جمالاً بمواصلة السعى فى إسعاد أرواح لا علاقة لها بالمرض أو مستشفاه الرائع. حدث ذلك حينما نظم يوم الخميس الماضى حفلاً فى مستشفى 57357 لتكريم أبنائى من الدفعة 103 حربية التى قدمت 19 شهيداً دفعوا دماءهم لحماية وطنهم وعرضهم بنفس راضية. تتعجب: وما علاقة المستشفى بالمقاتلين والشهداء؟ يجيبك عبر مسألة منطقية سليمة المقدمات والنتائج: «كلاهما يعطى، أنا أمارس العطاء، إذاً علينا الاحتفال بهما». ويضيف: «سيواصل 57357 عمله لرفع نسب الشفاء إلى 80% بدلاً من 74%، وسيواصل جيش بلادنا حماية أرضه وناسه حتى لو راح منهم كل يوم شهيد. هذا هو المشترك بيننا.. .العطاء». ألا يستحق شريف أبوالنجا التحية على ما أسهم به فى الحياة؟

وأحدثكم عن أهالى الشهداء من كل حدب وصوب فى بلادى أمهات وآباء المجند محمد أيمن، المقدم محمد هارون، الطالب المقاتل «إسماعيل» طالب الكلية الحربية، والنقيب محمود طه إبراهيم، والنقيب عمرو وهيب، وغيرهم كثيرون. ألا يستحقون التوقف للحظات للتأمل فيما قدموه لنا؟ ألا يستحقون التحية لعظم عطائهم للوطن؟ ألا يستحقون الدعاء بأن يربط الله على قلوبهم كما ربط على فؤاد أم موسى؟ ألا يستحقون التذكر فى لحظات الأزمات التى تمر بنا لنعرف أنه مهما عظمت الأزمة فلن تكون كفقد الضنا وحلم العمر؟ ألا يستحقون البحث عنهم والتواصل معهم لدعم معنوياتهم وشد أزرهم؟ بلى، بالطبع يستحقون ولهم منى عبر كلماتى كل الحب وكل الدعاء بالصبر فى الدنيا وخير ثواب الآخرة.

التقيت سلمى البكرى مرة واحدة. أعرف شريف أبوالنجا وأتابع عمله. لا أعرف أمهات الشهداء ولكننى أرى ما منحوه لى فى الحياة من جمال وحب وخير لتزداد لمعاناً فى قلبى.. ماذا عن قلبك أنت؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف