صفوت عمران
كلام في سرك البرلمان والتحديات الصعبة!!
بلا شك ان البرلمان الجديد محطة فارقة في تاريخ الوطن لعدة اعتبارات جوهرية ، اهمها علي الاطلاق حجم الصلاحيات الكبيرة التي حصل عليها جعلته شريكاً حقيقياً في السلطة مع رئيس الجمهورية، اضافة الي انه يعني تنفيذ خارطة الطريق التي توافق عليها المصريون بعد الموجة الثانية من الثورة في 30 يونيو بالكامل ، لنستكمل معا دائرة مؤسسات الدولة بعد الصراع والتفكك والانهيار الذي عانته طوال الـ 4 سنوات الاخيرة، والاهم احداث ثورة تشريعية تحتاجها مصر بشكل عاجل للتخلص من الآف القوانيين الفاسدة والتي تعيق اي تقدم يريده الشعب وينشده صانع القرار.
الحقيقة اننا نحتاج من البرلمان الجديد ان يؤدي دوره بشكل سليم، وان يخدم اهداف الثورة ويحولها الي واقع ملموس، ويترجم نصوص الدستور الذي استفتي علية الشعب الي مجموعة قوانيين اصلاحية تضيف لرصيد الوطن ولا تخصم منه، لذا فان مجلس النواب علية دورا مفصليا في تلك المرحلة، والحقيقة ان جميع النواب سواء كانوا منتمين لاحزاب سياسية او مستقلون يحتاجون وقفة حقيقية امام انفسهم، وان يدركوا ان مصر تمر في مرحلة لا تحتمل التجريب او صراع المصالح الضيقة، في ظل اقتصاد يعاني، ومؤسسات مازالت تحاول لخروج من كبوتها، وامن مازال غائبا لحد بعيد، وحدود مهددة من مختلف الاتجاهات، وشعب تحمل الكثير طوال 4 سنوات ومازال، لذا فان تغليب المصلحة الوطنية ضروري في تلك المرحلة، فبدون الجلوس علي مائدة واحدة وتقديم رؤية مشتركة فالخطر سوف يدهس الجميع بلا استثناء مهما غرتهم الاغلبية الوهمية، او الاكثرية المغرضة، او حتي استعراض العضلات الذي ولي زمانه منذ سنوات.
البرلمان الجديد اتفقنا او اختلفنا علي طريقة تشكيله، رحبا او رفضنا القليل او الكثير من نوابه، اصابنا القلق من انخفاض نسبة التصويت علية او قلنا انها نسبة طبيعية نشاهد مثلها في كثير من انتخابات دول اخري، هذا البرلمان علية تحديات صعبة وبالغة الاهمية، فالمصريون بعد سنوات عجاف ينتظرون الكثير من برلمانهم، بداية من العمل علي قيادة ثورة تشريعية تقضي علي الفساد، إضافة الي مراجعة نحو 400 قانون صدرت في المرحلة الاخيرة منذ ثورة 30 يونيو وحتي الان واهمها قانون التظاهر الذي يحتاج الي تعديل حقيقي، يمنح المصريين حقهم في الاعتراض في اطار ديمقراطي سليم، يحتاج الا يقر النواب قانون الخدمة المدنية المثير للجدل بصيغته الحالية، والوصول الي صيغة تضمن حقوق العاملين في الدولة وحقهم في حياة كريمة وتلزمهم ايضا باداء عملهم بجدية دون تعسف ضدهم، او تسليطه سيفا علي رقابهم، وغيره من عشرات بل مئات القوانيين التي بات تعديلها امرا ملحا لاصلاح هذا الوطن بما يؤدي الي تنمية حقيقية، وتشريعات تنشر العدل بين الناس.
البرلمان الجديد في ظل التحديات الاقليمية والدولية يتحمل دورا محوريا في مساندة ودعم الدولة المصرية في معاركها الخارجية سواء كانت دبلوماسية او عسكرية، فمثلا قد يكون البرلمان احد السيناريوهات المطروحة لمواجهة ازمة سد النهضة الاثيوبي، ويمكن عبره الغاء اتفاق المبادئ حول السد مع اديس ابابا اذا استمرت في تلاعبها، والحفاظ علي حقوق مصر التاريخية في مياة النيل، كما انه لابد ان يكو سنيدا للرئيس في دعم علاقات دولتنا الخارجية في ظل رياح عاتية تضرب العالم العربي.
والحقيقية ان البرلمان القادم وفقا لصلاحياته اذا لم يكن متوافقا مع الرئيس فانه سيدخل البلاد في نفق مظلم لن تتحمل تبعاته، واذا كنا رفضنا تدخل الدولة في اختيار نواب الشعب، فاننا ايضا نطالب من النواب عدم الاعتداء علي دستور اقره الشعب باغلبية كبيرة ولم يجرب حتي الان حتي يطالبون بتعديله، فالنواب مطالبون بان يعالجوا ما نعانيه من مشاكل طوال العقود الاخيرة، ويمنحونا الامل في غد افضل، فمثلا الحديث عن تعديل مدة حكم الرئيس من 4 الي 6 سنوات، امر غير ممكن وفقا للمادة 226 من الدستور التي تمنع ذلك، وغيرها من الامور الذي يتسبب تناولها في اظهار النواب كجهلاء، وهو ما يجعلنا نطالبهم بقراءة الدستور المصري جيدا حتي يدركوا حدود دورهم، ويتحركوا بناء علي فهم، فنحن نريدهم إضافة للوطن وليس مجرد بغبغاوات يرددون ما لا يفهمون، نريدهم دعم التجربة الديمقراطية التي ناضل شعبنا من اجلها، وفي الاخير على الرئيس عبدالفتاح السيسي مسئولية تاريخية ووطنية ان يجمع المتفرقين ويوحد المختلفين ويضع الجميع امام مسئولياتهم التاريخية، فاما نتراجع خطوة للخلف ونترك مصالحنا الشخصية الضيقة ولو مؤقتا ونقدم مصلحة الوطن او سنجد انفسنا امام "حيطة سد" ونعود مرة اخرى للمربع صفر، وهو خطر لو تعلمون عظيم، يا نواب الشعب تحملوا مسئوليتكم في الحفاظ علي الدولة وانجاح الثورة.