آخر ساعة
مأمون غريب
صاحب الرسالة الخالدة
في ذكري مولده عليه الصلاة والسلام تتداعي أمام مخيلتي هذه الشخصية الباهرة الآسرة الذي بعثه الله رحمة للعالمين.. والاقتراب من سيرة حياته يجعلنا نري أعظم شخصية متكاملة عرفها التاريخ.. وهو لم يكن يحمل أرقي الأخلاقيات بعد الرسالة فحسب، بل كان قبل الرسالة إنسانا بالغ الطهر.. بالغ الاستقامة.. لم يسجد لصنم قط، ولا جاري قومه في عاداتهم وتقاليدهم، بل كان شديد التمسك بالقيم، شديد التفكر فيما حوله من مظاهر الوجود.. كأنه يريد أن يستشف ما وراء هذا الوجود.. فكان يذهب إلي غار حراء ليكون وحده وسط سكون الكون.. يتأمل ويفكر إلي أن جاءه وحي السماء ذات يوم في رمضان، وكان أول ما نزل عليه من الوحي وهو الأمي «اقرأ» وبذلك يكون مفتاح التقدم والحضارة هو العلم قبل أي شيء آخر.. ومن هنا كانت الحضارة الإسلامية أقدر الحضارات علي غزو القلوب والعقول ومن هنا انتشر نور الإسلام في كل الدنيا، وارتفعت راياته فيما بين الصين شرقا حتي الأندلس غربا في زمن قياسي.. وظلت هذه الحضارة تبعث أضواءها حتي في لحظات ضعف العالم الإسلامي.
ومن هنا فقد كان تساؤل أستاذنا العقاد عن الحياة قبل مبعث الرسول[ وبعده، لأننا لو قارنا بين الحياة قبل الرسالة وبعدها لرأينا الفارق شديدا.
يقول العقاد: «كان التاريخ شيئا فأصبح شيئا آخر، توسط بينهما وليد مستهل في مهده بتلك الصيحات التي سمعت في المهود عداد من هبط من الأرحام إلي هذه الغبراء.. ما أضعفها يومئذ من صيحات في الهواء.. وما أقواها بعد ذلك أثرا في دوافع التاريخ.. ما أضخم المعجزة وما أولانا أن نؤمن بها كلما مضت علي ذلك المولد أجيال وأجيال، وما أغنانا أن نبحث عنها قبل ذلك بسنين حينما بحث المنجمون والعرافون.
علي أننا نستعظم الأحداث العظام في تاريخ بني الإنسان بمقدار ما فيها من فتوح الروح لا بمقدار ما فيها من فتوح البلدان».
إن حياة الرسول الكريم وخصاله وشخصيته الآسرة المتكاملة جعلته كما تقول عنه السيدة عائشة رضي الله عنها ـ قرآنا يمشي علي الأرض [.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف