مؤمن الهباء
شهادة التحالف العربي الإسرائيلي!
في كلمته أمام منتدي سابان السنوي للعلاقات الأمريكية الإسرائيلية الذي يعقد في واشنطن زعم موشي يعلون وزير الدفاع الإسرائيلي ان حكومته نجحت في أن تقيم تحالفا مع عدة دول عربية تجمعها مصالح مشتركة وتتعرض لتهديدات ومخاطر إرهابية واحدة.. والتعبير بفعل "زعم" من عندي.. لأنني أثق ان ما قاله يعلون مازال يعبر عن حلم إسرائيلي وليس عن واقع.. وأدرك ان التحالف العربي الإسرائيلي مازال مستحيلا.. علي الأقل خلال المرحلة الحالية.
وقد نقلت الصحف عن يعلون وقوله أمام المنتدي ان النزاع مع العرب والفسلطينيين صار مستبعدا من دائرة الصراعات الواجب التعامل معها.. وأصبحت هناك مصالح وتهديدات تجمع بين إسرائيل ودول عربية عديدة تجعلهم يشكلون معسكرا واحدا أمام معسكرات أخري تشتمل علي دول عربية وإسلامية.
وفي السياق نفسه حذر يعلون من استمرار وقوف واشنطن متفرجة علي ما يجري في الشرق الأوسط من أحداث خطيرة.. وترك فراغ هناك تملأه روسيا وإيران والشيعة.. أو يملأه تنظيم داعش.. واتهم سياسات ادارة أوباما بدفع الأردنيين والسعوديين إلي الهرولة نحو روسيا.. وهو ما لا يسعد إسرائيل علي حد قوله.. وطالب بدور أكبر لدعم المعارضة السورية السنية لمواجهة داعش.
وإسرائيل تعيش الآن أفضل أيامها.. وتسعي بكل السبل لتحقيق أعظم أحلامها بأن تندمج بشكل كامل في المنطقة وتصبح رقما مهما في توازناتها وتحالفاتها.. ولابد من الاعتراف بأن حالة الفوضي التي يعاني منها الشرق الأوسط سمحت لإسرائيل بنجاح نسبي كان الشاهد الأكبر عليه الاعلان عن دخول قواتها إلي الأراضي السورية والقيام بعمليات عسكرية دونما اعتراض عربي جاد.. أضف إلي ذلك التنسيق العلني مع روسيا فيما يتعلق بالدور الذي جاءت من أجله روسيا إلي سوريا.
ووسط هذه الفوضي يصبح من مصلحة إسرائيل الترويج للتحالف المزعوم مع دول عربية عديدة.. في محاولة لخلق واقع جديد وتوازنات جديدة في الشرق الأوسط.. وإعادة توصيف الصراع العربي الإسرائيلي والالتفاف علي القضية الفلسطينية وحقائقها المستقرة: الاحتلال والاستيطان واللاجئين والقدس.. وتجاهل أي دور للفلسطينيين أصحاب القضية.
وفي الاستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية المعلنة منذ سنوات لم يعد الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة شرطا للصلح والتطبيع مع العرب كما ورد في المبادرات العربية المتتابعة وإنما هناك سعي وتخطيط جاد لإقامة تحالف "نفعي" بين إسرائيل وعدة دول عربية مهمة حتي من دون التوقيع علي اتفاقيات سلام أو معاهدات اعتراف وتبادل للسفراء.. حقائق الواقع المفروض هي التي ستجعل من اليسير بناء هذا التحالف.. في محاولة للضغط علي الرأي العام العربي حتي يقبل ويتأقلم مع المتغيرات الجديدة التي تتناقض تماما مع ما استقرت عليه وآمنت به الشعوب العربية لسنوات طويلة مضت.
وكان جون كيري وزير الخارجية الأمريكية قد أشار أمام منتدي سابان العام الماضي إلي أن هناك دولا عربية مستعدة لصنع السلام مع إسرائيل والتحالف معها ضد حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وضد تنظيم الدولة "داعش".. وان الولايات المتحدة ستكون مقصرة ومهملة إذا لم تستغل ذلك.
هم يسعون لاستخدام التحالف العربي الإسرائيلي المزعوم للقفز به فوق مفاوضات السلام مع الفلسطينيين وحل الدولتين.. ويرون ان الوقت صار مناسبا أمام إسرائيل لتحسين وضعها التفاوضي في أية محادثات مستقبلية مع الفلسطينيين.. بحيث تكون هذه المفاوضات علي أرضية جديدة لا تتضمن أية مسوغات قانونية دولية كانت قد دعت في السابق إلي انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام ..1967 والاعتراف فقط بالأوضاع القائمة علي الأرض والضغط علي الفلسطينيين للقبول بما يقدم إليهم من فتات.
وفي منتدي "سابان" هذا العام ظهرت كلمات وتلميحات وكتابات من جانب انصار إسرائيل تطالب بإعادة كتابة قرار مجلس الأمن رقم 242 الصادر بإجماع أعضاء المجلس عام 1967 بما يعكس الأوضاع الجديدة.
ورغم كل هذه الألاعيب والخطط.. سيظل أي تحالف عربي مع إسرائيل محكوما عليه بالفشل مسبقا.. ومدموغا بالخيانة.. فليست هناك مصالح مشتركة.. وإسرائيل هي التهديد الأخطر للأمن القومي العربي.. وغير ذلك وهم كبير.