الوطن
سهير جودة
الإعلام المصرى.. خسارة بجدارة
حالتنا الإعلامية المزرية على مدى نحو الخمس سنوات الأخيرة.. هل هى مرآة كاشفة للحالة الاجتماعية والثقافية، أم أن الإعلام صانع النكسة الاجتماعية بأمراضها التى تتفاقم وتقف بنا عند حدود الخطر؟

المنهج الإعلامى حالياً لا يعترف بالحقائق أو لا يعرفها ويبدع فى اختلاق الوقائع وبث الأخبار المفبركة أو المضللة.

الإعلام لا يعرف الفصل بين الخبر والرأى، وبالتالى يبقى الالتباس قائماً بين الرأى والمعلومة ليستمر الجهل والتضليل.

أغلب الإعلام يستمر مع سبق الإصرار وبنجاح تام فى تقديم الجرائم والخرافات والانحياز لطرف على حساب الآخر وعرض قضايا لم يفصل فيها القانون.

الإعلام لم يتوقف - ولا ينوى - عن إقامة سرادقات الشتائم والملاسنات ليسود المشهد الإعلامى خلافات شخصية تعلن عن معارك ومصالح خاصة ولم يتراجع عن انتهاك خصوصية الأفراد وحرمة الحياة الشخصية ولم يتوقف عن السب والقذف والعنف اللفظى.

الإعلام نجح بجدارة فى إثارة الكراهية وفتح أبواب التمييز والتحريض بكافة تنويعاته بين أطياف الشعب وفئاته.

* ما القيم والاخلاق التى قدمها الإعلام فى خطابه؟

ربما تنجح مدونة السلوك المهنى للأداء الصحفى والإعلامى فى فرض قيمها وأهمها:

احترام الدستور، خاصة ما جاء فى ديباجته فيما يتعلق بنضال الشعب وإرادته فى 25 يناير - 30 يونيو كطريق اختاره للمستقبل.

ترتيب وصيانة أولويات المادة المنشورة والمعروضة والمذاعة بشكل يعكس الأولويات الحقيقية للمجتمع ويبتعد عن الإثارة المنبوذة والشجار الأجوف.

الالتزام بالحقائق والامتناع عن اختلاق الوقائع أو إطلاق الأخبار المفبركة أو المصطنعة أو المضللة.

الاعتماد على مصادر معلنة وواضحة ومسئولة ومتخصصة كلما أمكن وتجنب تداول الشائعات والأخبار المجهّلة.

عدم خلط الخبر بالرأى وأن تكون الحدود الفاصلة بينهما واضحة للجمهور بما لا يدع أى مسافة للالتباس بين المعلومة والرأى الشخصى.

كفالة حق الرد والتصويب والتصحيح بما يتناسب مع مساحة المادة الإعلامية ومكان بثها أو نشرها.

الالتزام بعرض وجهات النظر بما يحقق التوازن فى طرح المادة الصحفية والإعلامية.

الامتناع عن نشر وتقديم أخبار الدعاوى القضائية والجرائم بصورة تؤدى إلى تبريرها أو تحبيذها وتجنب التأثير على الرأى العام والأطراف المعنية لصالح أو ضد المتهمين أو الشهود أو القضاة.

الالتزام بعدم الدخول فى ملاسنات أو مشاحنات إعلامية وبعدم استخدام مساحات النشر أو أوقات العرض فى طرح خلافات شخصية أو معارك ومصالح خاصة.

الامتناع عن إثارة الكراهية والتمييز والتحريض بكل أنواعه بين أطياف الشعب وفئاته.

الامتناع عن كل ما من شأنه إشاعة الأفكار والتى تروج للدجل والشعوذة والخرافات وتغييب العقل.

الامتناع عن الممارسات التى يجرّمها القانون وترفضها مواثيق الشرف وعلى رأسها السب والقذف وانتهاك خصوصية الأفراد وحرمانهم تحت أى ظرف من الظروف.

الالتزام بقيم المجتمع وأخلاقه وأعرافه فى الحوار والخطاب الصحفى والإعلامى.

عدم استخدام أو السماح باستخدام لغة الإيماءات المسيئة أو التدنى اللفظى أو الترخص فى القول والفعل.

التأكيد على القيم المرجعية والأخلاقية التى ترسخها الأديان السماوية ويؤمن بها ويحترمها المجتمع المصرى وعدم الطعن فى أشخاص أو الحط من شأنهم بسبب انتماءاتهم الدينية والنأى بالخطاب الدينى عن أى أهداف سياسية أو تحقيق مصالح فئات بعينها أو إشاعة أفكار شاذة أو مغلوطة.

هذا لم يفعله الإعلام، فتأتى الخسارة بجدارة للجميع.

هذا الدستور الراقى يجب ألا يقترب منه شيطان الإعلام، وهذه المبادئ الرفيعة يجب ألا تبقى مجرد قيم نظرية أو شعارات غير قابلة للتطبيق، وهى مهمة كل من يمتلك الوطنية والمهنية وينحاز للاحتراف ويرى الصورة بوضوح؛ أن يفرض هذه المبادئ، فإذا فشلنا أو تقاعسنا فستنجح شياطين الإعلام فى حرقنا جميعاً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف