زفة العوالم منذ يوم 14 ديسمبر الجاري مستمرة حتى الآن، فمنذ أن عرض زميل إعلامي صورا مُخلّة ادعى أنّها تخص عضو مجلس النوّاب عن دائرة كفر شكر المخرج خالد يوسف، والإعلاميون (ليس جميعهم وإنما الأغلبية منهم) يتفاعلون مع الحدث وكأنهم (يهيصون) في الزفة ... وزفتهم لم تتوقف حتى الآن.
يبدو واضحا أن الإخوة الإعلاميين "الأفاضل" ليس لديهم قضايا في المجتمع على قدر كبير من الأهمية مقارنة بقضية المخرج الشهير، ويبدو أنهم يظنون أن حاجة المجتمع ماسة لمثل هذه القضايا، في حين أن الحياة الشخصية لهذا المخرج، مع كامل احترامي له، لا تهم المواطن الذي يبحث عن لقمة العيش، أصلا في شيء.. ألا توجد قضايا لشغل الرأي العام أسمى من هذه القضية؟ ولماذا الإعلاميين الأفاضل حولوها لقضية رأي عام يتساءل عنها القاصي والداني؟ ألا يكفينا ما وصلنا إليه من تفاهة وتدني في المستوى الفكري والخلقي على مدار الخمس سنوات الماضية؟
نعم، أتفق أنه لا يجوز الحديث حول القضية ما دامت لم تثبت بالأدلة والبراهين، كما أتفق أيضا أنه لا يجوز نشر مثل هذه الأمور المسيئة للسمعة، خصوصًا أن الواقعة محل تحقيق أمام النيابة ولم يصدر فيها قرار نهائي بإدانة المخرج خالد يوسف، وفي هذه الحالة يقع عليه ضرر لسمعته.. إلا أنه في حلقة البرنامج، وفي معرض حديثه عن هذه الواقعة، قال الإعلامي أنّه لم يتأكد من صحة تلك الصور، مما أثار ردود فعل غاضبة من البعض.
ومن حق المخرج خالد يوسف بعد انتهاء التحقيقات في القضية وإثبات براءته من التهم المنسوبة إليه، (بفرض أنه بريء) وعليه أن يقيم دعوى قضائية بـ"رد الشرف"، ضد ما تعرض له من أضرار لسمعته، وفي هذه الحالة تقضي المحكمة بالعقوبة المناسبة، وتوقع الغرامة أو الجزاء المناسب للواقعة.
كان من الأجدر بالإعلاميين الصمت حتى تنتهي التحقيقات، ثم يبدأ اللوم بعد ذلك، أما الحديث الآن، فهو لإثارة القلاقل و"البروباجاندة" الإعلامية.. ولابد أن نعرف أن المادة "309 مكرر" من قانون العقوبات، تنص على: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن؛ وذلك بأن ارتكب أحد الأفعال الآتية في غير الأحوال المصرح بها قانونًا أو بغير رضاء المجني عليه: أ- استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أيًا كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون، ب- التقط أو نقل بجهاز من الأجهزة أيا كان نوعه صورة شخص في مكان خاص، فإذا صدرت هذه الأفعال أثناء اجتماع على مسمع أو مرأى من الحاضرين في ذلك الاجتماع فإن رضاء هؤلاء يكون مفترضًا".
كما أن المادة التي لا يقرأها ولا يلتفت إليها الإعلاميون عند عرض مثل هذه التسريبات والتسجيلات، هي: المادة 309 مكرر (أ) من نفس القانون، وتنص على: "يعاقب بالحبس كل من أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل ولو في غير علانية تسجيلًا أو مستندًا متحصلاً عليه بإحدى الطرق المبينة بالمادة السابقة أو كان ذلك بغير رضاء صاحب الشأن، ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات كل من هدد بإفشاء أمر من الأمور التي تم التحصل عليها بإحدى الطرق المشار إليها لحمل شخص على القيام بعمل أو الامتناع عنه".
لست في هذا المقال في معرض الدفاع عن جانب على حساب الآخر، وألتزم الحياد التام.. ولست هنا لتبرئة زميلي أو للوقوف ضد الإخوة الإعلاميين الآخرين، لكنني أود أن أقول أننا كشعب "قرفنا بقى" من كل ما يذاع من مشاكل خاصة لا تهم المواطن في شيء... فما كل هذا السفه الإعلامي الذي تعيشون فيه وتريدون أن تعيّشوا فيه المواطن؟ ألا توجد لديكم رسالة أسمى من الإشاعات أو التحريض ضد بعضكم البعض، فما بالنا بكيدكم لبعض؟ ما دخل المواطنين في تخليص أمور بينكم وبين بعض.. أصبحتم مكشوفين للجميع!!!
من كل قلبي: "أيها الإعلاميون... ارحمونا يرحمكم ربنا... "زهقتونا" منكم لله... اتقوا الله يجعل لكم مخرجا ويرزقكم من حيث لا تحتسبون!