يتفق جميع المنشغلين بالشأن الرياضيپأن كرة القدم هيپاللعبة صاحبة الشعبية الأولي في مصر وربما في مختلف دول العالم. وأن مسابقة الدوري العام لكرة القدم هي أهم المسابقات الرياضية علي مدار الموسم الرياضي بالكامل. وهي أيضاً صاحبة المتابعة الأولي سواء عليپالمستوي الشعبي والجماهيري أو المستوي الإعلامي بجميع وسائله.
ومن الطبيعي أن تكون المنافسة شديدة بين الأندية المشاركة في هذه المسابقة سواء كان ذلك للحصول علي البطولة أو للنجاة من الهبوط للدرجات الأدني. وأن يكون الفوز بتلك البطولة هو الباب الملكي للعبور إلي المجد والصيت والمال. وأن النجاة من الهبوط هيپالبقاء في عالم الأضواء والشهرة.
ومن الطبيعي أيضاً أن تنتقل تلك المنافسة بين جمهور هذا النادي أو ذاك والحرص علي تأييد ناديهم للفوز بالبطولة أو حتي التنافس خلال مباراة واحدة وأحياناً يصل الأمر إلي التباهي بتسجيل هدف من لعبة مميزة أو مهارة استثنائية.
إلا أن هناك جوانب أخري تتعلق بهذه المسابقة ربما لا تتصدر المشهد بشكل أو بآخر وإنما تأتي في مراتب متراجعة وربما تغيب عن نظر البعض. فمسابقة دوري كرة القدم تنظر إليها الحكومات في بعض الدول من زوايا أخري اجتماعية واقتصادية وثقافية وربما سياسية بالإضافة إلي الجوانب الرياضية. وهنا أود أن ألقي الضوء علي بعض تلك الجوانب من وجهة نظره ورؤية الحكومة المصرية لتلك المسابقة:
* كان الحفاظ والحرص علي استمرار المسابقة هدفاً رئيسياًپللحكومة المصرية رغم كل الظروف التي صاحبت منافساتها وتجاوزات البعض من الجماهير أو مجالس الإدارات. فلأول مرة منذ ثورة يناير 2011 تستكمل مسابقة الدوري العام من مجموعة واحدة في الموسم الماضي 2014/2015 بما في ذلك إقامة مبارتين للأهلي مع المصري في كل من الجونة وشرم الشيخ. الأمر الذي أدي إلي قوة المسابقة وشدة المنافسة علي المراكز الأولي أو الأخيرة. وبالتالي ارتفاع قيمة حقوق الرعاية والبث التليفزيوني لهذا العام إلي أرقام غير مسبوقة في تاريخ الرياضة المصرية تعدت مئات الملايين لبعض الأندية والاتحادات. وهو الأمر الذي يعود قطعاً بالإيجاب علي الألعاب الرياضية الأخري التي تصرف عليها عائدات كرة القدم.
* إن حرص الحكومة المصرية علي استمرار المسابقة وعدم إلغائها رغم ما يحدث من بعض التجاوزات لأهمية المحافظة علي أعداد كبيرة جداً من الافراد المشتغلين ومن يتعلق عملهم ودخلهم -بشكل مباشر او غير مباشر- بكرة القدم خاصة وبالرياضة بوجه عام. وهو الرقم الذي يدور ما بين 3 إلي 4 ملايين شخص بالإضافة إلي أسرهم وذويهم وهم قطاع كبير يصعب المخاطرة بمصدر دخلهم وعيشهم منهم اللاعبون والمدربون والحكام والإداريون والأطباء وعمال الاسعاف وعمال الملاعب وعمال الصيانة والاستادات والملاعب ورجال الصحافة والاعلام الرياضي والمخرجون ومعدو البرامج والمصورون والفنيون في الاستديوهات والعاملون بالمواقع الكترونية. وآخرون غيرهم سيتأثرون قطعاً بتوقف المسابقة.
* إن انخفاض معدلات السياحة المصرية خلال الفترة السابقة نتيجة الأحداث التي تمر بها مصر والمنطقة بوجه عام. وكذلك انخفاض معدلات الاستثمار الخارجي وتأثر عدد كبير من الشباب لفقدانهم فرص العمل في مجالات مختلفة ضاعف من حرص الحكومة علي عدم توقف المسابقة لعدم فقدان فرص عمل أخري من العاملين فيها أخذاً بعين الاعتبار ما يعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء من أن نسبة البطالة في مصر تتراوح ما بين 12 إلي 13% وهي نسبة كبيرة تحرص الحكومة علي خفضها وتوفير فرص عمل جديدة للشباب.
* إن استمرار مسيرة الدوريپالعام وانتظام مبارياته لا تتعلق فقط بتوفير فرص عمل وحياة كريمة لأعداد كبيرة من المواطنين أو باختيار عناصر المنتخبات رغم أهمية ذلك. لكن تلك المباريات ومتابعة مجرياتها تمثل أيضاً أحد الجوانب المهمة من المتعة والترويح لعدد غير قليل من أفراد الشعب بمن فيهم الشيوخ وكبار السن وربما المرأة. وهو الامر الذي يعد أحياناً أحد العوامل المهمة لتحمل أزمات وأعباء وهموم الحياة عند كثير من الناس.
* إن الإدعاء بعدم قدرة الحكومة علي التواصل مع الشباب هو قول غير دقيق. حيث إن الشباب يتفاعل بشكل كبير جداً في العديد من مشروعات وزارة الشباب والرياضة وغيرها من الوزارات. ومنها علي سبيل المثال رحلات اعرف بلدك التي يحرص آلاف من شباب مصر من مختلف المحافظات علي المشاركة فيها أسبوعياً. ومسابقة إبداع الثقافية والفنية والتي يشارك فيها سنوياً جميع الموهوبين من طلبة الجامعات. وفي دوري مراكز الشباب الذي أصبح في عامه الثالث أكبر مسابقة رياضية وتنافسية يشارك فيها أكثر من 40 ألف شاب من أعضاء مراكز الشباب من جميع المحافظات. وفي ماراثون الشيخ زايد الخيري الذي أقيم للعام الثاني علي التوالي يوم الجمعة الماضي شهد مشاركة أكثر من 35 ألف شاب وفتاة وفي القوافل التعليمية والدينية التي تجوب مختلف المحافظات وخاصة الحدودية منها في شمال وجنوب سيناء والوادي الجديد ومطروح ومحافظات الصعيد. وحتي في الجانب الموسيقي والفني من خلال برامج هواة المسرح أو كورال الأطفال. ولكن التعامل مع الشباب في روابط الجماهير المختلفة تصاحبه بعض التقارير الأمنية الواجب وضعها في الاعتبار عند اتخاذ قرارات محددة.
ولأن لنا رؤية واضحة وهدفاً محدداً. فلن نقوم باتخاذ أي قرار انفعالي تحت ضغط جماهيري أو إعلامي. وعلينا التريث في اتخاذ أي قرار يتعلق بحياة وسلامة المواطنين المصريين.
ولا شك أن موقع المسئولية يحتم الاستماع إلي كل الآراء ودراستها وإمعان التفكير فيها وتحمل مسئولية اتخاذ القرار مهما كانت صعوبته والصبر علي ردود الأفعال مهما كانت قسوتها إلي أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.