يسرى السيد
لماذا تصر الدولة علي الحرب بذراع واحدة؟!!
لا أعرف لماذا تصر الدولة المصرية علي محاربة التطرف والارهاب بسلاح الأمن فقط وتتجاهل باقي الاسلحة المهمة الأخري في عملية المواجهة أو بالاصح لاتولي باقي الاسلحة الاهتمام المطلوب حتي تضمن كسب المعركة بالضربة القاضية وتقضي علي اسباب العرض والمرض من جذوره؟
المعركة الشرسة مع اعداء الداخل والخارج يلزمها وجود اسلحة الاعلام والثقافة والتعليم علي خط النار الي جانب المواجهة المسلحة.. والدارس للحالة الراهنة للمجتمع المصري يدرك ان سبب البلاوي والكوارث التي نكتوي بها الآن يرجع لتسطيح الاعلام وتغييب الوعي وتهميش الثقافة وتدمير التعليم عن عمد طوال السنوات الماضية والمهم لن ننتصر بشكل حاسم أو نتقدم خطوة واحدة للامام دون ان نحقق نجاحات ملموسة في هذه الساحات.
في البداية لابد ان ترفع الدولة سلاح الاعلام بذراع مع طلقات الامن في الذراع الأخري في آن واحد حتي تكسب المعركة في جولتها الاولي تمهيدا للدخول باسلحة الثقافة والتعليم لاستكمال المواجهة. ولا أعرف بصراحة سببا وجيها لتقاعس الدولة غير المبررعن الاستفادة من سلاح الاعلام في الداخل والخارج حتي الآن. وحتي يكون الكلام محددا اذكر بعض الامثلة التي تؤكد كلامي:
* هل يعقل مثلا ان تكون مصر بلا وزير اعلام في اشد الاوقات احتياجا ليكون عندنا صوت اعلامي محترف للتعبير عن الموقف المصري في حالة الحرب التي نعيشها خاصة في الاحداث الساخنة المتوالية وما اكثرها. ونترك الامر لبعض المتحدثين هنا وهناك ولا يتكلمون الا بعد فوات الأوان.. لا اريد ان اذكر امثلة لكثرتها مثل حادث الطائرة الروسية وقبلها العملية العسكرية الضخمة في سيناء.. الخ.
* نعم الدستور الجديد الغي وزارة الاعلام حيث تنص المادة 211 من دستور 2014 علي أن "المجلس الوطني لتنظيم الاعلام. هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والمالي والإداري. وموازنتها مستقلة. ويختص المجلس بتنظيم شئون الإعلام المسموع والمرئي. وتنظيم الصحافة المطبوعة. والرقمية. وغيرها".
لكن إلي الآن لم يتم اقرار القانون الذي يتم بمقتضاه تشكيل المجلس الوطني للاعلام الذي يحل محل وزارة الاعلام.. يعني الغينا الوزارة ولم نشكل البديل. وهكذا اصبحت مصر عن عمد بلا متحدث اعلامي باسمها طوال الشهور الماضية رغم الاحداث الكبري المتتالية!!
* الاخطر من ذلك ان الحكومة غير جادة في اصدار قانون الصحافة والاعلام كما فعلت مع عشرات القوانين الأخري قبل الانتخابات البرلمانية. ولكي تداري حمرة الخجل قررت مناقشة القانون في اللحظات الاخيرة قبل الاجتماع الاول لمجلس النواب بايام قليلة ولسان حالها يقول "نترك الاعلام للمجلس القادم".. يعني سيظل الوضع علي ما هو عليه لعدة شهور وحسب التساهيل!!
* نعم عانينا في الماضي من سطوة وزراء الاعلام علي الصحف القومية والتليفزيون القومي بل والخاص احيانا. لكن الوضع مختلف الآن.. الدولة المصرية في حالة حرب. وأي حرب يلزمها متحدث اعلامي قوي يجمع بين الرؤية السياسية ولغة الاعلام. ولايتوفر ذلك الا في منصب وزيرللاعلام ولايمكن ان نترك هذه المهمة الصعبة والحساسة لمتحدث هنا وهناك وبلا تنسيق. واحد في رئاسة الجمهورية وثاني في مجلس الوزراء وثالث في الخارجية واخر في وزارة الطيران اثناء أزمة الطائرة الروسية.. الخ.
* واذا كان البعض يفسر الدستور علي حسب مزاجه ويصر علي إلغاء منصب وزير الاعلام بعد اقرار الدستور وعدم تشكيل مجلس وطني للاعلام لعدم صدور قانون الصحافة والاعلام. فما المانع من وجود وزير دولة للاعلام علي الاقل للقيام بهذه المهمة لحين اقرار القانون!
* والسؤال المهم الذي يشغلني بعد تشكيل المجلس القومي للاعلام: ماهو الوضع البروتوكولي لمصر في حالة انعقاد مجلس وزراء الاعلام العرب أو الأفارقة.. الخ.. اذا مثلها رئيس المجلس القومي للاعلام.. في حالة القاء الكلمات أو الجلوس هل تتقهقر مصر في الترتيب البروتوكولي بحيث يتكلم أو يجلس وزير اعلام جزر القمر أو جيبوتي مثلا قبل مصر و يكونان في وضع الصدارةپقبل مصر لان الذي يمثلها ليس وزيرا..!!
* من ناحية ثانية وبصراحة اجدني اطرح السؤال المستفز هل مايحدث لنا لعنة صفوت الشريف الذي كان بحق اخر وزير اعلام لمصر منذ ترك منصبه وحتي الآن رغم جلوس الكثير مكانه!!. والاجابة عن السؤال جعلتني اتندر كثيرا بان قدرنا ان يكون وزير اعلام مصر اخرس بعد ان وجدت بعض من شغلوا هذا المنصب "يتهتهون في الكلام" بل وكان صمتهم احيانا افضل من وضع الحكومة والبلد كلها في حرج من كوارثهم اللفظية اذا تكلموا!!.. وبعيدا عن منصب الوزير الذي يتحجج البعض بالغائه من بعض الدول الكبري. علينا ان نلحقهم. بوجود اعلام حر. وليس بقطع لسان مصر!!
وتستمر المأساة في الخارج فمازالت الدولة بلا خطة اعلامية متكاملة للحرب علي الساحة الدولية تاركة الساحة خالية للتنظيم الارهابي واسياده:
* غابت هيئة الاستعلامات بملحقيها الاعلاميين في كل سفارات وقنصليات مصر في الخارج..
* تم اضعاف أو قتل صوت مصر الخارج من ماسبيرو لمخاطبة العالم باضعاف بث أو الغاء الاذاعات الموجهة بكافة لغات العالم وعدم توفير عوامل النجاح لقناة "نيل تي في" التي تبث بالانجليزية والفرنسية. وللدرجة التي جعلت قناة الجزيرة المسمومة هي المصدر الوحيد للاخبار والمعرفة لكل من يريد التعرف علي مايحدث في مصر والمنطقة العربية!
باختصار اصبح حال التليفزيون المصري لايسر عدواً ولاحبيباً الا مارحم ربك والدولة تتخلي عن سلاحها الموجود هنا وتتفرج رغم الثراء الهائل في البشر والامكانيات هنا. لكنها المؤامرة التي حيكت بليل لاخراجه من المنافسة لترك الساحة لاجندات القنوات الخاصة التي تدافع عن مصالح رأس المال أو القنوات الخارجية المسمومة .. ومن التليفزيون الي الاذاعة.. الامر لايختلف كثيرا بحيث اصبحت بعض الاذاعات علي الانترنت أو بعض الاذاعات التجارية أكثر تأثيرا من اذاعات كثيرة.
* اما الصحافة القومية فالمؤامرة تكاد تكون واضحة وضوح الشمس. فلا الحكومة لا تريدها علي ذمتها ولا طايقة بعادها.. لاعايزة تطلقها ولا عايزة تنفق عليها. يعني سايباها معلقة حتي تطلب الخلع فتخلعها بلا اي حقوق تذكر.. وللاسف لاتدرك ان هذا يعني تخلي الدولة عن مصدر قوتها إلي الابد!!
وحتي يكون الكلام محددا لاتريد الحكومات المتعاقبة من سنوات التنازل عن ديون الصحافة القومية رغم انها السبب فيها. وفي نفس الوقت لاتمنحها كافة مقومات الاستمرار بل وتحارب ما تبقي فيها من انفاس الاحتضار الاخيرة وتبث فيها من فيروسات وميكروبات للقضاء علي ما تبقي من مهنية فيها الا ما رحم ربك. وفي نفس الوقت لا تطيق نقدا يأتي من ناحيتها.. تريدها ان تدافع عمال علي بطال عن سياساتها واخطائها حتي لو كان ذلك علي حساب سمعتها وبدون مقابل.. يعني لا الصحافة القومية عارفة تكون لسان السلطة.. ولا السلطة تريد ان نكون لسانها بعد ان شك القاريء في مهنيتها. ولذلك تلجأ الحكومة احيانا إلي بعض الصحف الخاصة التي بينها وبين القارئ بعض العلاقة الحسنة رغم البلاوي التي نعرفها!!
واخرة المتمة تصر الحكومة ان تلعب معها لعبة الاستغماية بوضع مصيرها في يد مجلس نواب يسيطر عليه المال السياسي. وما ادراك ما رجال الاعمال الذين لا يؤمنون الا بمصالح رأس المال الذي لا يعترف في بلادنا بدور تنويري لصحافة قومية. ولا بأهمية وجود هذا السلاح في يد الدولة لتحارب به معاركها الكبري.. والنتيجة ستكون مزيدا من العك والتخبط!!
وللحديث بقية
هامش
* صحافة قومية وتليفزيون قومي« قبضة حكومية« ضعف اداري½ خيال مآته..
* قنوات وصحف خاصة« رأس مال½ اجندات ومصالح وفتن "الا قليلا"
* الواقع المر يحول الاحلام الي كوابيس أو سراب في احسن الاحوال.ِ
* آفة شعبنا النسيان.