الأهرام
المطران كريكور أغسطينوس كوسا
بميلاد المسيح فاضت النعمة بالمحبة
ولد المسيح ليفتدينا، فالميلاد هو بدء الفداء الذى هو سر المسيح والإيمان المسيحي، حيث كشف عن محبة الله العظمى لنا، ولا نحصل على نعمة الفداء إلا بالتوبة، فالإنسان لا يفتدى ذاته بذاته من خطاياه، لكنه يفتدى عندما يتقبل المغفرة التى يمنحه أياها الفادي.
فى هذه الحقبة من الزمن ونحن نعيش سر الميلاد والتجسد تتجه البشرية بالعقل والقلب نحو المسيح محور الكون والتاريخ وفادى الإنسان, فى هذه السنة تحتفل الكنيسة والعالم بسنة يوبيل الزحمة الاستثنائي، الذى يحمل إلينا حقيقة إيمانية أولية «الكلمة صار جسدا وحل فينا» «يوحنا 14:1»

المسيح يسوع بتجسيده يكشف بجلاء ووضوح الإنسان للإنسان ويبين له سمو دعوته ويعيد اليه ما شوهته الخطيئة، ويرفع الطبيعة البشرية إلى مقام عظيم. لقد عمل بيدى الإنسان، وفكر بعقل إنسان وعمل بإرادة إنسان، وأحب بقلب إنسان.. إنه فادى الإنسان (رسالة فادى الإنسان للبابا القديس يوحنا بولس الثانى رقم 8) »صار مصالحة لنا لدى أبيه«. روما 11:5 وقولسى 1: 20 الله إله الخلق يظهر أيضا إله والمحبة التى هى أقوى من الموت والمستعدة دائما للمسامحة وبذلك لا يستطيع الإنسان أن يعيش دون محبة ورحمة ولا معنى لحياته إن لم تتوفر له المحبة والرحمة والشفقة ويختبرها بنفسه.

هذا هو البعد البشرى لسر التجسد والفداء إكتشاف عظمة وكرامة الإنسان الذى دخله فى المسيح، أعطاه هذا الحق، ففى سر التجسد يتم الفداء وسر المسيح هذا هو رسالة الكنيسة والمسيح فالمسيح هو المبدأ الثابت والمحور الدائم لهذه الرسالة: هو الغنى »الذى فى متناول كل إنسان وثماره خير »لكل إنسان« حياة المسيح شهادة للحرية الحق:

ننتهز جميعنا يوبيل الرحمة لنعيد النظر فى حياتنا من خلال ولادتنا الروحية الجديدة مع المسيح وبالمسيح وفى المسيح بسر تجسده وبالأسرار المقدسة ونعمل على تعميق إيماننا بالله ومبادرة بعضنا للبعض بالمغفرة والمصالحة الصادقة النابعة من القلب، وتوثيق عرى التضامن والمحبة فيما بيننا، لنتمكن ونحن متكاتفين متعاضدين لكى نسهم فى المحبة والرحمة والشفقة إنقاذ بلادنا والعالم مما تتخبط فيه الشعوب والدول من حروب وصعوبات اقتصادية وسياسية وثقافية، ليحل السلام فى شرقنا ليبقى بشفاعة العذراء مريم أم الرحمة والرأفة إيمانا وقداسة، وقيما وحرية، وسلاما. «المجد لله فى العلى وعلى الأرض السلام وفى الناس المسرة» لوقا (14:2)

السلام هو وديعة الله للبشر، سلامى أعطيكم، سلامى أستودعكم، وبشارة الملائكة لأبناء الأرض ترددها سماؤنا منذ المغارة الأولي، وهوتحية الناس للناس، وأنشودة تواصل مستمرة مدى الأجيال.

السلام الذى أتانا بيسوع المسيح ملك السلام دائم الحضور فينا إنه عيدنا وفرحنا وسعادتنا وراحة ضميرنا، وبالاستمرار معه نعبر العقود والقرون ونلتقى بالآخر فى ساحة تسقط أمامها الحروب والحواجز والحدود. السلام نعمة لابد منها لمتابعة مسيرة البشرية فى التاريخ وصيانتها وتحصينها عاملين على نموها وتصويب مسيرتها من أجل حياة الإنسان وكرامته ومستقبله.

فى مطلع يوبيل الرحمة لنجدد إيماننا بالمسيح وبإنجيله وتعاليمه الإلهية، وليكن يسوع سلامكم وقوتكم فى الحياة، ورجاءكم فى الآخرة، وليمنحكم سلاما بميلاده العجيب واطمئنانا لرفقته لكم فى هذا الدهر، والدهر الآتي، لتكن نعمة ملك السلام يسوع المسيح مع جميعكم فى هذا العام الجديد بفرح التلاقى والتعاون مع بعضنا.

أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف