اللواء الاسلامى
ناجح ابراهيم
مسيحى يحب محمدا
** دخل جواهرجى مسيحى على مكتبة أحد التكفيريين فجذب انتباهه عنوان كتاب غريب " كفر والدا الرسول صلى الله عليه وسلم .. توقف الجواهرجى عند الكتاب قائلا : هل يصدق أحدا أن نبيا عظيما مثل محمد والداه كافران.. لم يدرك الرجل أن النفوس المظلمة والمملوءة بالكراهية والسواد يمكن أن تفهم هذه القضية البسيطة كما فهمها .
تأملت القصة فتذكرت داعية فى السبعينات كان من دعاة التكفير وكان يصر اصرارا غريبا على طرح هذا الموضوع والتأكيد عليه وسرد بعض الأحاديث التى أجزم بعدم صحتها ..
** وكنت أتضايق كثيرا لاصراره على تكفير والدى الرسول صلى الله عليه وسلم كمدخل لما يريده من تكفير الآخرين من الحكام وغيرهم .. وكنت أحدث نفسى : لماذا هذه الجفوة والغلظة والقسوة التى تتملك هذه القلوب فتتجرأ على هذا الأمر أو تدخل فيه من الأصل أو تثيره على العوام والشباب غضى القلب بريئى النفوس .. وقد حاول هذا الرجل نشر كفر التكفير بضراوة ولكننا وقفنا ضده .. وقد ساعدنا وقتها رجال صادقون فى التصدى له ولأشباهه .. ثم انضم هذا الرجل الى " جهيمان " الذى احتل المسجد الحرام ظنا منه أنه المهدى المنتظر وأنه سيخسف بالجيوش التى تأتى لتخرجه ولكن القوات من كل حدب وصوب دخلت المسجد وقبضت على " جهيمان " وعلى بطل قصتنا وأعدمت الاثنين ..
** حزنت لمصير الرجل ولكن قلت لنفسى لقد أورده المهالك قلبه الأسود وليس عقله .. فلقد كان ذكيا ولكنه كان جافيا غليظا فظا .. وقد وجدت أن كل من تحدث فى هذه القضية عن والدى الرسول بسوء أصابته لعنات السماء .
** ان رسالة الاسلام رسالة رحمة ورسوله رسول مودة وألفة وأعظم ما مدح به قوله تعالى : " فبما رحمة من الله لنت لهم " وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكره أن يواجه أحدا بما يكرهه أو يفضح انسانا فكيف للبعض أن يواجه الرسول بما يكره ويسئ اليه .
** وقد خلصت أن طهارة الباطن أقوى من الظاهر ولئن تكون صاحب قلب طيب ورود رحيم عفو كريم أفضل من أن تكون صاحب ذكاء يحوطه قلب فظ غليظ جاف مثل الحجارة .. لقد كان لأبى لهب وأبى جهل وأمثالهم ذكاء نادر يختلط بهوى النفس وكبرها وصلفها .
** لقد تأملت قصة الرجل وقارنت جفوته وأمثاله بالشاعر المسيحى الشامى وهو يمدح الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : أنا ما مدحت محمد بقصائدى .. لكن مدحت قصائدى بمحمد
** وهو الذى يكتب كل عام فى ذكرى مولده قصيدة فى مدحه صلى الله عليه وسلم فقد شعر بقلبه المرهف الجميل بالرسول وعاش بوجدانه مع رسالته .. بل وزوج شقيقته اللبنانية الى تاجر مسلم كريم خلوق وقال لها : أنتى أغلى ما عندى ولم أجد أفضل من هذا الرجل ليكون أمينا عليك وكريما بك ومستحقا لك فقبلته وتزوجته .
** وهذا الشاعر المسيحى الشامى جاك شماس الذى أعجبه اكرام النبى لمسيحى العرب فقال :
أغدقت للعرب النصارى عزة ***** ومكانة ترقى لشم معان
وزرعت فى قلب الرعية حكمة ***** شماء تنطق فى ندى الوجدان
ثم يقول :
واذا قرأتم للرسول تحية ***** فلتقرئوه تحية النصرانى
مهما مدحتك يا رسول فانكم ***** فوق المديح وفوق كل بيان
** أما الشاعر الروسى الياس قنصل الذى كان يشارك المسلمين فى كل احتفالاتهم الدينية ببعض قصائده فقد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم حاكيا ذكرياته فقال " قرأت سيرة النبى الهاشمى فلم أستطع أن أنام حتى كتبت هذه القصيدة ومنها :
انى ذكرتك يا محمد ناشرا ***** روح الأخوة فى بنى الانسان
يعلو بلال الصب أشرف كعبة ***** ليذيع منها أشرف الألحان
حق المواهب أن يقدر أهلها ***** لا فرق بين الأجناس والألوان
** أما الشاعر المسيحى ميخائيل وردى فمدح الرسول صلى الله عليه وسلم بقصيدة منها :
تآخوا كما قال المسيح وأحمد ***** فما الحب الا ثروة لا تحدد
** كانت القلوب غضة طرية محبة متوادة .. يكتب الشاعر المسيحى عن محمد صلى الله عليه وسلم ويكتب شعراء المسلمين عن عيسى عليه السلام .. بل أن أعظم القصائد التى كتبت عن المسيح عليه السلام كتبها مسلمون مثل شوقى وحافظ وأحمد نسيم ومحمود حسن اسماعيل وأفضل من كتب عنه مسلمون مثل العقاد وعبد الحميد جودة والسحار وخالد محمد خالد .
** بل أن بعض الشعراء مثل ميشيل أمين من فرط صداقته ومحبته لرسول الاسلام وأصدقائه المسلمين قال :
يا سائلى أى المذاهب مذهبى ***** انى مسيحى وانى مسلم
واليوم أطلت الطائفية والعراقية والمذهبية والتكفير الدينى والتخوين الوطنى على بلاد العرب والمسلمين .. فالذى يخالفك الرأى الدينى أو السياسى هو كافر أو خائن .. فلا الشيعى يقبل السنى .. ولا السنى المصرى يقبل السنى القطرى أو التركى .. ولا السنى اليمنى من أتباع هادى يقبل السنى اليمنى من أتباع صالح .. ولا السنى المصرى من أتباع الاخوان يقبل السنى من أنصار السيسى .. ولا القاعدة تقبل داعش .. ولا القاعدة وداعش تقبل أحدا .. ولا المسيحى الأرثوذكسى يقبل البروتستانى أو الكاثوليكى .. ولا السنى أو الشيعى من أتباع بشار يقبل السنى أو الشيعى من خصومه .. وهكذا تدور دورة البغضاء والكراهية .
** وأغرب ما فى الأمر كله أن تجد حملات منظمة فى بعض الصحف المصرية وأعتقد أنها مدفوعة بدوافع أيديولوجية خارجية تشتم وتطعن فى عدد معروف من الصحابة على رأسهم أم المؤمنين " عائشة " ومعاوية بن أبى سفيان وأبى هريرة وعثمان بن عفان وأحيانا الشيخان أبو بكر وعمر .
** ولا أدرى أية حكمة تجعل البعض يشتم هؤلاء الصحابة الأجلاء .. فاذا غلبتنى الحيرة تذكرت قصيدة الشاعر المسيحى السورى جاك شماس والذى حصل على الجائزة الأولى فى الامارات فى مدح الرسول بقصيدة " البردة " .
انى مسيحى أجل محمدا ***** وأجل ضادا مهدها الاسلام
وأجل أصحاب الرسول وأهله ***** حيث الصحابة موقف امام
** والفرق بين هؤلاء وهؤلاء هو طهارة القلوب أو خبثها .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف