الأهرام
د. عمرو عبد السميع
حالة حوار - أمريكا والهندسة الوراثية السياسية
تبدو الإدارة الأمريكية ـ الآن ـ منهمكة فى صياغة مشروعها من جديد فى الشرق الأوسط، بعد أن أربكتها التطورات التى خرجت كثير من عناصرها عن سيطرة الأمريكان، منذ انهيار المرحلة الأولى لتأسيس ما يسمى «الشرق الأوسط الأوسع». لكن المحاولة الثانية تجرى الآن ـ لتحقيق ما فشلت فيه أمريكا فى محاولتها الأولى.
الأمريكان يستخدمون الشيعة الحوثيين ضد السنّة فى تنظيم القاعدة، وهم يحاولون ترتيب حضور إيرانى جديد فى المنطقة، على ضوء اتفاق حول ملف طهران النووى يلوح فى الأفق، سواء بترك مهمة التعرض لحزب الله اللبنانى لإسرائيل، أو بالامتناع الهادئ عن مواجهة انقلاب الحوثيين الخطير فى اليمن تحت مقولات من طراز: (الولايات المتحدة لن تحتل اليمن أو تضع فيه قوات)، أو (إننا نحاول مقاومة تنظيم القاعدة فى اليمن، ولكن الفوضى الحادثة هناك ربما تؤدى إلى إيقاف غارات الطائرات دون طيار وجهود حصار وضرب التنظيم) يلعب أوباما والمجموعة العاملة معه فى البيت الأبيض، فى مكونات الصراع السياسى فى الشرق الأوسط (وبعضها أوجدته أمريكا) لعبة أشبه بالهندسة الوراثية، ومحاولة تصنيع أو تخليق واقع سياسى جديد فى الشرق الأوسط، فهو يريد ترك القاعة ذى الهوية السنّية دون مطاردة، ليتضاغط مع الحوثيين الشيعة اليزيدييين.

يتم ترك القاعدة دون تصفية لمعادلة خطر الحوثيين، ويتم السماح لإيران بدعم الحوثيين لإزاعاج السعودية، والسيطرة على باب المندب، وتهديد مصر، ويتم التسامح مع إيران، وإعطاؤها دورا فى مواجهة تنظيم داعش (السنّى) وهكذا.. سلسلة طويلة من المعادلات فيها السنّة ضد الشيعة، والسنّة ضد السنّة.

إذن أمريكا ستترك القاعدة فى اليمن تنمو، وهى تعرف أنها كانت مصدر الإرهاب فى شارلى إبدو بفرنسا، لأن من نفذوا العملية كانوا من نتاج القاعدة فى اليمن.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف