البديل
محمد سعد عبد الحفيظ
أحرق.. يا سيسي
”أفرم يا مرسي.. أفرم يا مرسي”.. بهذا الهتاف طالب أنصار ومؤيدي “المعزول” محمد مرسي، قبل خلعه “زي الشعرة من العجينة” بأيام، رئيسهم بالبطش بالمعارضة واعتقال قادتها، ردا على ما اعتبروه تجاوزا من قيادات “الإنقاذ” و”تمرد” في حق رئيسهم الورع التقي.

لم تسعف الظروف مرسي وتمكنه من الفرم، “المفرمة محتاجة كهربا.. والواد عاشور بتاع الشرقية بياخد 20 جنيه من المأجورين بتوع الحارة المزنوقة عشان ينزل السكينة.. ووزير الدفاع حاطط إيده على خده وبيقوله: هو ده اللي اتفقنا عليه.. عموما هانت كلها أيام”.

قوائم الاعتقال كانت “جاهزة في درج نائب مرشد الجماعة في المقطم”، ووزير الداخلية الذي كان يجلس بجوار وزير الدفاع، لن ينفذ أوامر ساكن الاتحادية، “لا لاعتقال قيادات الإنقاذ ولا حتى حماية مقار حزب الجماعة”، والبديل أن تنفذ “قوات الردع” المهمة، “حرية.. عدالة.. مرسي معاه رجالة”. التهديدات العلنية بلغت مداها، “اللي هيرش مرسي بالميه هنرشه بالدم”، و”اللي هينزل في 30 -6 يترحم على نفسه”، أعجبتهم كثرتهم لكنها لم تغن عنهم شيئا، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت .

وأمام تهديدات الدم، دعا منسق جبهة الإنقاذ الدكتور محمد البرادعي الجيش إلى التدخل، لـ”وقف الفوضى وعدم الاستقرار”، وقال في تصريحات إلى الـ”بي بي سي: ‘لو أن مصر على حافة التخلف، ولو كان هناك غياب للقانون وللنظام، فإن الجيش سيكون أمامه واجب وطنى بالتدخل. عاد الشعب إلى الميادين، “كل يغني على ليلاه”، من خاف على هويته نزل، ومن ضاق من تخلف الجماعة الربانية نزل، “واللي زهق من الضلمة” نزل، ومن وقف في طوابير الوقود ساعات نزل، اكتظت الشوراع بالناس.

في شارع البطل أحمد عبد العزيز، كان “مؤذن الثورة” العم كمال أبو عيطة، يمارس هوايته في إلهاب حماس الغاضبين، فعلها أيام السادات، وأدار بروفة إسقاط مبارك قبل خلعه بسنوات في اعتصام الضرائب العقارية أمام مقر الحكومة بشارع القصر العيني، وها هو محمول على الأكتاف يهتف “يسقط يسقط حكم المرشد”.

عُزل مرسي، وسقط حكم الجماعة، في 3-7- 2013، وتم تأسيس نظام جديد على قاعدة تحالف 30 يوينو، واختير الدكتور البرادعي نائبا للرئيس المؤقت عدلي منصور، وكُلف الدكتور حازم الببلاوي بتشكيل حكومة تتحمل مسؤولية البلد في تلك الحظة الحرجة. ضم الببلاوي إلى حكومته عددا من رموز الثورة، منهم الفقيه القانوني حسام عيسى، والدكتور زياد بهاء الدين، وعم كمال، جاور هؤلاء الفريق أول عبد الفتاح السيسي، كوزير للدفاع.

انسحب الدكتور البرادعي من المشهد، احتجاجا على فض اعتصام الإخوان بميدان رابعة العدوية، على نحو يخالف ما يعتقد به، الطعنات واللعنات طاردت صاحب نوبل.. لم يشفع له منصبه كنائب للمستشار الجليل، ولم يلتفت أحد إلى علاقته “الجيدة” بوزير الدفاع، “موسم الحرق بدء”، فتحول واجهة نظام 30 يوينو “في غمضة عين”، إلى “خاين عميل، وبتاع أمريكا”. مع قرب الاستحقاق الرئاسي، وبعد أسابيع من دوران ماكينة “مرشح الضرورة”، تم التخلص من السياسيين في حكومة الببلاوي بـ”القطاعي”، ثم أقيلت الحكومة بالكامل بشكل “مهين” قبل إعلان السيسي الترشح للرئاسة.

عاد كل وزير سابق إلى جماعته، منهم من أظهر تأييده للسيسي كمرشح ضرورة بالطبع، ومنهم من التزم الصمت، لكن “الأجهزتية” لا يعترفون بهذا الكلام، “من ليس معنا وتحت سيطرتنا فهو ضدنا والتشهير به وحرقه واجب وطني”، بمجرد أن تختلف تستباح في شرفك الوطني أو ذمتك المالية،” الطرطشة طالت الكل”. أخيرا جاء الدور على عم كمال، المناضل العمالي والوزير السابق، “ملوش مسكة.. مش عارفين يطرطشوا عليه”، مازال يسكن في فيصل، وربنا كرمه مؤخرا بسيارة ملاكي بعد “سنين العشرة مع الميكروباص الفولكس”، حتى ظهرت فجأة قضية التلاعب والاستيلاء على المال العام الخاص بصندوق إعانة طوارئ العمال، “ماشي نذوق أبو عيطة فيها.. مش كان وزير للقوى العاملة”. الزميلة “الأهرام” شاركت في جريمة الحرق، وأصدرت الحكم على عم كمال وصاغت عنوان الخبر “تورط أبو عيطة والعشري في الاستيلاء على 40 مليون جنيه”، علما بأنه لم يحقق معه في أية جهة”. أبو عيطة لم يتربح أو يفسد كما يتمنى البعض، الحكومة أرسلت للوزير السابق شيكا، بـ 76 الف وثلاثمائة جنيه وخمسة وثلاثون قرش، من الصندوق المذكور كمستحقات، بعد تركه الوزارة 76 ألف جنيه يا “معفنين.. الراجل يضحي بتاريخه وسمعته علشان 76 ألف.. فعلا ميصحش كده”. أبو عيطة شريك وزير الدفاع السابق في الوزارة، عملا معا، ودافعا معا عن قرار الحد الأدنى للأجور.. السيسي يعرف عم كمال جيدا.. لكن “الأجهزتية ملهومش عزيز”.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف