البديل
أحمد بان
كسر الانقلاب الإخوانى
“إخوان أون لاين” أم “إخوان سايت”، مكتب إدارة الإزمة أم مكتب الرابطة، التنظيم الدولى أم مكتب المصريين فى الخارج، العمل باللائحة أم إنجاز لائحة جديدة، انتخابات بالتمرير أم تشكيل طارئ، الشباب أم الشيوخ، الداخل أم الخارج، السلمية أم العنف، المحافظون أم الإصلاحيون، كل ماذكرت تبدو مفردات دالة فى غير تنظيم الإخوان.

الجماعة التى جعلت كسر الانقلاب عنوان حركتها واشتباكها مع الشأن العام فى مصر، عبر أكثر من عامين، يستخدم فريق منها منهج الانقلاب فى مواجهة فريق آخر يستخدم كل الوسائل الشريفة وغير الشريفة.

نجح الإخوان أو بالأحرى القيادات التاريخية التى تقمصت تراث المماليك المتلفع بعمامة الدين الخضراء، التى تخفى مكر ابن العاص ونفاق ابن أُبي، نجحوا أن يتكفلوا بكل مخالف لهم فى الرأى أو التدبير، مرة باسم اللوائح ذات الوجهين، وجه حقيقى حين تنتصر لمنطقهم وموقفهم، ووجه آخر زائف تصبح فيه اللائحة ليست قرآنا، وأخوتنا هى الباقية، مرة باسم الثورة والحفاظ على المشروع الذى أضاع بعد أن أضاع فى نفوس الكثيرين فكرة الإسلام ذاتها، التى ابتذلتها جماعتهم وشوهتها بل وجنت عليها.

تعددت أسلحة التنظيم فى مواجهة كل من رفع صوتا فى مواجهة أى استدراك عليه، تأملوا معي هذا المشهد، ذات يوم ذهب عشرة من شباب الجماعة إلى مقرها بالمقطم، يرفعون لافتات يقولون فيها للشاطر لا تترشح، فماذا فعل محمود حسين، الأمين العام؟ خرج للإعلام ليقول إن هؤلاء ليسوا إخوانا، وكان منهم زوج كريمة الشاطر وابن قيادى ظل صوته مجلجلا على مسرح رابعة، كان هذا الإجراء أقرب التدابير دائما لعقل الجماعة منذ حسن البنا فى مواجهة من يسمون بالإصلاحيين أو المعارضين، تتكفل أجهزة الجماعة بعددها ومنابرها الإعلامية وأعضائها باغتيال سمعة الشخص والإساءة إليه ردعا لغيره، وفي الأزمة الحالية كان بالإمكان أن تفعل القيادات التاريخية كمحمود عزت ومحمود حسين ما تعودت على فعله، فما الذى تغير؟.

الذى تغير أن الشق أصبح رأسيا وافقيا ومن داخل نفس المعسكر، فقد غادر الإصلاحيون منذ زمن، أما القيادات التى فرت لتركيا ولندن وظلت تشرب من دماء أعضاء الجماعة فى معارك خططت لها، فقد قررت فجأة ودون خجل أن هذا المسار لا ينبغى أن يمضى فيه الداخل للنهاية، وكما كان اعتصام رابعة مجرد مناورة ومحاولة لتحسين شروط اللعبة، كانت العمليات النوعية وضرب محطات الكهرباء وحرق الجامعات، ورقة أخرى لتحسين شروط التفاوض فى عقل قيادات مردت على النفاق وعلى لعبة السياسة الكريهة، التى لم تتمرس عليها قواعد أعطت قيادها لهؤلاء فتركوهم يمضون فى هذا المنحدر، وفجأة يقال لهم توقفوا دون أى شرح لماذا مضوا فى هذا الطريق ووفق أى أفق وخطة فجأة يطلب منهم أن يتوقفوا؟!.

كانت هذه الفئات التى استسلمت لتلك القيادة قدمت كل شىء، الدماء والأموال والطاعة المطلقة دون أي مساحة لإبداء رأى مخالف أو النقاش حول اجتهاد أو وسيلة، وعندما تبين على نحو متأخر أن من ظنوا فيهم خيرا واعتقدوا امتلاكهم رؤية واستراتيجية لكسر الانقلاب لا يملكون أى شىء سوى المقامرة بالدماء والأشلاء، قرروا عزلهم بعدما ضجوا من طاعة أسلمت رقابهم لعدوهم وجلعتهم أمثولة أمام أنفسهم وأمام الآخرين.

كانت مجموعة الخارج التى يمثلها محمود حسين، الأمين العام، وإبراهيم منير، نائب المرشد العام، أعضاء فى الدائرة القطبية الضيقة، التى ظلت تدير الجماعة منذ عقود مع المرشد العام بديع ونائبه خيرت الشاطر، انفردت تلك المجموعة بإدارة الجماعة وفق تفويض مطلق حتى أوردت الجماعة المهالك بخياراتها، وكانت مجموعات كثيرة من الإخوان تدرك أن هؤلاء أخذوا فرصتهم كاملة دون أن ينجزوا أي شىء، وآن لهم أن يفسحوا لعقول جديدة، لكن القيادات القطبية التى استمرت على كراسيها طويلا لم تفسح لهم مجالا، فقرر هؤلاء تحت النار والدخان أن يقوموا بانقلاب عليها، فانحنت القيادات القطبية لعاصفتهم، ثم أعادت ترتيب أوراقها قبل أن تقوم بانقلاب على الانقلاب، وأصبحنا أمام مشاهد مثل، وسيلة إعلام القدامى “إخوان سايت”، فى مواجهة “إخوان أون لاين” للجدد، ومكتب الخارج فى مواجهة مكتب الرابطة، ولازالت المعركة دائرة بين الفريقين، لكن ما ينبغى أن نعلمه أنها ليست قسمة النصف إلى النصف، بل فى تقديرى يحوز الجدد على 70 % من ولاء أعضاء الجماعة، فيما يحوز القدامى على 30 % منها، يملك القدامى الأموال والاتصالات الدولية مع الغرب، بينما يلعن الجدد هذا الغرب ويتهمونه بأنه تآمر مع النظام عليهم.

المؤكد أن الجماعة ستختفى بشكلها التنظيمى المعروف، وستنتهى ربما إلى ثلاث مجموعات بين قدامى وجدد وناقمون على الاثنين، وفى النهاية: تكبير .. الانقلاب ينكسر .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف