الوطن
د. محمود خليل
عجبى..!
علامة تعجب كبيرة أضعها على كلام الرئيس فى ذكرى مولد النبى صلى الله عليه وسلم تعليقاً على دعوات النزول لعمل ثورة جديدة فى ذكرى «يناير». ووجه العجب أن المشهد الحالى قد يكون فيه محفزات عديدة على الغضب، لكنه يخلو من أى مؤشرات دالة على إمكانية النزول. هناك إحساس بالاحتقان لدى قطاعات معينة جرّاء الضغوط الاقتصادية، ونتيجة الأساليب القمعية التى أحياناً ما تُستخدم مع المعارضين، كما أن هناك من يختلف مع النظام الحالى فى بعض وجهات النظر، ويتحفظ على أدائه فى بعض الملفات، لكن ثمة خشية من جانب الكثير من التيارات المعارضة للنظام من مغبّات النزول والنتائج التى يمكن أن تترتب عليه، خصوصاً فى ظل حالة الفراغ داخل المشهد السياسى المصرى، والمخاطر الإقليمية والدولية التى تحيط بنا. من هنا نستطيع أن نتعجب من تطرق الرئيس إلى هذا الموضوع فى كلمته الأخيرة، اللهم إلا إذا كان لديه معلومات لا تتوافر لدينا، قدّر من خلالها الموقف، وقرر أن يتعامل معه فى كلمته.

ثمة ثلاث وقائع عجيبة أيضاً ينبغى التوقف أمامها فى سياق ما نتحدث عنه، أولاها ذلك التصريح الذى أدلى به المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، وذكر فيه أن الفساد كلف مصر خلال عام 2015 ما يقرب من 600 مليار جنيه. الرقم كبير للغاية، ومع تسليمنا بأن الفساد فى مصر استشرى داخل كافة مؤسسات الدولة، فإن الرقم يطرح سؤالاً حول مدى جدية السلطة فى محاربة الفساد، وهى التى نظرت إليه كواحدة من أهم المعارك التى تخوضها. الرقم عجيب، وثمة احتمالان لا ثالث لهما فيما يتعلق به، إما أن يكون خاطئاً، ويستدعى ذلك محاسبة مَن خرج به علينا، أو أن يكون صحيحاً، وفى هذه الحالة نحن نحتاج تعليقاً من الرئيس عليه، كما أننا بحاجة إلى التفكير بعض الشىء فى توقيت طرح هذا الرقم، قبل أيام من الاحتفال بذكرى ثورة يناير!

الواقعة الثانية تتعلق بقرار اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات بحلّ اتحاد طلاب مصر وعدم الاعتراف به رسمياً كاتحاد رسمى ممثل للطلاب، بعد نظرها فى الطعون المقدمة من اتحاد طلاب جامعة الزقازيق، بعد تأكدها من وجود أخطاء إجرائية بانتخابات اتحاد طلاب جامعة الزقازيق، ومن ثم بطلان هذه الانتخابات وما ترتب عليها من انتخابات اتحاد طلاب مصر. أعلم أن جدلاً كبيراً سبق هذا القرار، وتهديدات واضحة جاءت على لسان وزير التعليم العالى حول الموقف من هذا الاتحاد، لكن توقيت صدور القرار أيضاً -قبل «يناير»- يطرح سؤالاً كبيراً حول مراعاة سياق الحال عند اتخاذ القرار. فأغلب من يقال إنهم يتبنون الدعوة للنزول فى «يناير» هم من الشباب. ومن المعلوم أن ثمة فجوة يعترف بها الجميع بين الشباب والنظام الحالى، ظهرت تجلياتها فى مواقف عدة.

أما الواقعة الثالثة فعامة، وتتعلق بوفاة عدد من المواطنين داخل أقسام الشرطة، حيث تنوعت الحالات، وارتفعت وتيرتها خلال الأسابيع الأخيرة، ولستُ بحاجة إلى تذكيرك بأن الكثير من الدعوات الخاصة بالنزول تذرّعت بفكرة عودة جهاز الشرطة إلى سابق عهده وممارساته التى كانت من أسباب اندلاع ثورة يناير 2011.. وهو أمر يدعونا إلى التساؤل: إيه الحكاية؟!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف