أحمد السرساوى
حاكموا هذا المحافظ بلاغ للنائب العام وأجهزتنا الرقابية
نحن يا سادة في بلد يستدين وما زلنا نريق ماء الوجه في قبولنا للمنح والهبات من الأشقاء والأصدقاء، ونستورد كل شيء تقريبا ونحصل علي قروض من القاصي والداني ونشتكي من انخفاض احتياطاتنا النقدية التي نستورد بها القمح، ونصرخ من خواء الخزينة العامة لدرجة أن تدبير المرتبات في بعض الهيئات أصبح معضلة كل شهر؟!
لذلك أجد تفسيرا واحدا لما يحدث في شوارع القاهرة !!
لماذا نهد أرصفة عمرها شهور ثم نعيد بناءها من جديد؟!! سألتُ فقالوا نحن نُصلح ما تهدم أثناء ثورة يناير وما بعدها؟
أجبتُ : لا هذا لغز يسبق ثورة يناير، ثم ألم تكن تكفي الصيانة وتحويل تكاليف الهدم وإعادة البناء لصيانة شوارع آخري أو بناء أرصفة في منطقة محرومة منها؟!
هل المسألة فيها فساد و"بزنسة" بين المحليات والمقاولين ؟ أم هو سوء إدارة وتخطيط ؟ أم هو كما علل لي أحد خبراء النقل أن "تقاليد" الإدارة المحلية تحتم انفاق كل مليم في الخزينة قبل طلب أي اعتمادات جديدة للعام المالي الجديد؟؟
لو صدق هذا لكنا أمام كارثة.. ألا يستحرم هؤلاء اقتراف هذا الجُرم وإهدار أموال "شعبنا الفقير"علي هذا النحو.. ألا يستحون ونحن نحتاج لكل قرش من أجل مستشفي أو مدرسة أو حتي دارا للمسنين؟؟!
أيام المخلوع مبارك.. كانوا يقولون أن خلع الأرصفة تعليمات من إبنه جمال لأنه شريك لكل المقاولين.. الآن لم يعد هناك مبارك ولا يملك إبنه اصدار أية تعليمات.. فلماذا عادت "ريما لعادتها القديمة"؟!
أعلم أن كلمة السر لهذا السفه هي كلمة "تطوير"، مجرد مثال صغير.. من اسبوعين فقط شاهدت في التليفزيون السيد محافظ القاهرة وهو يفتتح ميدان العتبة بعد "تطويره" كما يدّعون وانفاق نحو مليون جنيه عليه من دم الغلابة ودافعي الضرائب.. في الوقت الذي يمكن فيه للسيد وزير التنمية المحلية أوالسيد المحافظ الآن اكتشاف البلاط"المخلع" في الميدان الذي تم تطويره أو "تذويقه" لو تكرم وتجول بالليل منفردا في أي ميدان من ميادين المحروسة وخاصة العتبة.. لكن لأن السيد المحافظ لا يسير علي قدميه في شوارع مدينته فهو لا يري مثل هذه الأمور .. خاصة وأنه لا يسير الا في مواكب وحراسة و"هيلمان" والذي منه!!
نفس الشيء ينطبق علي الجيزة محافظة النُقَر والحُفَر والمطبات وهي نفس أحوال محافظات ومحافظين آخرين.. بعكس ما يحدث في الخارج حيث تعيش الأرصفة لعشرات السنين بلا خدش واحد.
إنني لا أتهم لكنني أتساءل.. وأُبلغ السادة النائب العام ورؤساء كل الأجهزة الرقابية في مصر لإجلاء هذه الظاهرة وأدعوهم للتحقيق فيها ومحاكمة أي محافظ أو مسئول تثبت سوء ادارته أو تبديده للمال العام وحل لغز تجديد الأرصفة!!
■ ■ ■
« كل شيء له معني .. لا شييء في الوجود عبث»
بطل رواية "الشحاذ" لنجيب محفوظ