الصباح
كمال حبيب
أين يذهب صراع الأجنحة والمؤسسات بالإخوان؟
>>تقرير بريطانيا عن الجماعة ودعوة عناصر الداخل للعنف وراء تفجر النزاعات
>>القائم بأعمال المرشد منصب مستحدث ولا يوجد فى لائحة الإخوان
تنتقل انقسامات الإخوان من السر إلى العلن، ومن التلاسن الإعلامى إلى الانقسام المؤسسى، فالجيل القديم الذى يقوده محمود عزت القائم بأعمال المرشد، وهو منصب مستحدث لا يوجد فى اللائحة، وأحد تعبيرات الانقسام بين الفريقين المتصارعين فى الجماعة - ومعه محمود حسين ومحمود غزلان الموجود الآن بالسجن والذى كتب مقالًا بعنوان «دعوتنا باقية وثورتنا مستمرة»، وكان المقال عنوانًا لخروج انقسامات الإخوان من السر إلى العلن حيث بدأ الجيل القديم الذى يقوده محمود عزت إلى العلن ليقول إن المكتب الإدارى للإخوان الذى تشكل فى فبراير 2014 لم يكن منتخبًا بالكامل، وأن هذا المكتب الإدارى يتواصل مع الصف الإخوانى ليحدث مزيدًا من التمزيق فى قواعد الجماعة وصفوفها.
ظهر الأمين العام للجماعة محمود حسين على شاشة قناة الجزيرة ليؤكد أنه هو الأمين العام للجماعة، وأن ما تطالب به اللجنة الإدارية العليا المسئولة عن إدارة الجماعة فى داخل مصر من عمل انتخابات لا يبدو ممكنًا الآن فى ظل وضع أمنى صعب، وأكد أن محمود عزت هو القائم بأعمال مرشد الجماعة، وأنه خارج مصر وأنه بصحة جيدة.
وهنا بدأ محمود عزت يتخذ إجراءات مؤسسية باطشة بالمجموعات الشبابية الجديدة التى يقودها محمد كمال المسئول عن اللجنة الإدارية العليا للجماعة من بعد مأساة رابعة، فقد أعلن محمود عزت أن محمد المنتصر ليس متحدثًا رسميًا للجماعة، لأنه يذيع بيانات غير صحيحة، وأطلق محمود عزت موقعًا إعلاميًا جديدًا أسماه «إخوان سايت» اعتبر أنه هو النافذة الشرعية الوحيدة التى تعبر عن موقف الجماعة وعن طريقها يتم نشر بياناتها.
رفضت اللجنة الإدارية العليا التى تدير شئون الجماعة داخل مصر قرارات محمود عزت، وعقدت اجتماعات قالت فيها إنه اكتمل نصابه (7 من 11 عضوًا) وأكدت أن المتحدث الإعلامى للجماعة هو محمد المنتصر، وليس طلعت فهمى الذى تعتبره دوائر الجماعة فى الداخل غير مؤهل، وأنه قطبى مقرب بقوة من القيادات القديمة.
ومضت اللجنة الإدارية العليا فى إعلان قرارات جديدة هى: استكمال تشكيل مكتب المصريين بالخارج، عدم وجود مكتب إدارى فى لندن، وأنه لا يحق لأحد أن يتخذ قرارات تتعلق بملفات الداخل سوى اللجنة الإدارية العليا، وأن الجهة الوحيدة المعنية بملفات العمل فى القضية المصرية بالخارج هو مكتب المصريين فى الخارج وحده.
كان مكتب المصريين بالخارج التابع للمجموعات الجديدة المتمردة على قيادات الجيل القديم قد شهد استقالات ما يقرب من نصف أعضائه منهم أيمن عبد الغنى صهر خيرت الشاطر، ومحمد البشلاوى وعبد الحافظ الصاوى وطاهر عبد المحسن، واعتبروا أن مكتب إدارة الأزمة بالخارج لايلتزم المؤسسية، واعتبر ذلك انحيازًا واضحًا من خيرت الشاطر نائب المرشد العام الموجود بالسجن للقيادات القديمة، فهؤلاء جميعًا فهمت استقالتهم على أنها انحياز للقيادات الجماعة، وأن خيرت الشاطر هو من دفعهم لذلك.
لم يكتف محمود عزت والقيادات القديمة بإعلانهم عن متحدث جديد للجماعة وتدشين موقع رسمى جديد لها، واعتبار المواقع الأخرى للجماعة غير معبرة عنها، وإنما تقدم إلى الأمام ليصدر قرارًا بحل مكتب إدارة الأزمة فى الخارج، وهو مكتب يضم فى داخله قيادات مهمة فى الجماعة منهم عمرو دراج وأحمد عبد الرحمن ويحيى حامد وغيرهم.
ما يشير إلى قوة تيار الجيل القديم فى الجماعة أن محمد عبد الرحمن المرسى رئيس اللجنة الإدارية العليا للجماعة متحالف مع محمود عزت ومحمود حسين، واعتبر أن أعضاء من اللجنة لا يلتزمون بقرارات مكتب الإرشاد، وأنه يقسمون الصف الإخوانى، وهذا جعل المتمردين على الجيل القديم يختارون مسئولًا جديدًا عن اللجنة الإدارية العليا لم يعلنوا عن اسمه لأسباب أمنية.
وبعد الوصول لهذا المستوى من الانقسام داخل الجماعة حيث يمرر كل فريق بياناته ورسائله إلى قواعد الجماعة التى تبدو حائرة ومنقسمة بقوة هى الأخرى، بحيث نجد عددًا من المكاتب الإدارية للجماعة يصل عددها إلى أحد عشر مكتبًا تؤيد الجيل الجديد واللجنة الإدارية العليا فى مصر، بينما المكاتب الأخرى وهى الأكثر يبدو أنها تؤيد الجيل القديم.
فى سياق ذلك الصراع والانقسام الذى أخذ أبعادًا عميقة تمثلت فى انقسام اللجنة الإدارية العليا بين مؤيد للجيل القديم، وبين مؤيد للجيل الجديد، وهم الغالبية، وانقسام المكتب الإدارى فى الخارج حيث استقال نصفه تأييدًا للجيل القديم، وانقسام المكاتب الإدارية على مستوى المحافظات والقطاعات ما بين مؤيد للجيل الجديد المتمرد، وبين تأييد صامت للجيل القديم، ظهرت مجموعة جديدة تسمى نفسها «ضمير الإخوان»، وهذه المجموعة انحازت للتيارات الشبابية الجديدة المتمردة على القيادات القديمة، وعلى رأس تلك المجموعة عصام تليمة وجمال عبد الستار وعلى بطيخ وغيرهم وقعوا على بيان ذكروا فيه أنه هالهم الانقسام داخل الجماعة وأدانوا موقف القيادات القديمة التى اعتبرت مسئولة عن إعاقة عمل اللجنة الإدارية العليا.
وهنا ظهر جمال حشمت عضو مكتب الإرشاد والموجود خارج مصر بمبادرة لمحاولة الصلح بين الفريقين والتوقف عن التلاسن الإعلامى، ودعا القرضاوى ومحمد أحمد الراشد إلى التدخل لوقف الصدام بين الفريقين، بيد أن عمق الانقسام بين الفريقين ومداه أقوى بكثير من قدرة أية لجنة لتحقيق التصالح بين الفريقين المتصارعين.
تستخدم القيادات القديمة ورقة أن الجيل الجديد قد حاد عن منهج الجماعة فى السلمية، فبالإضافة إلى رسالة محمود عزت التى تحدثت عن أن الاستدراج إلى العنف هو خروج عن النضال الثورى، هناك دراسة لمحمد عبد الرحمن المرسى الذى يوقع بصفته رئيس اللجنة الإدارية العليا فى الجماعة نشرتها «رسالة الإخوان» التى يصدرها التنظيم الدولى الذى يقوده فى الخارج إبراهيم منير من لندن - بعنوان «الإمام البنا واستخدام القوة»، يشير فيها إلى أن الاندفاع إلى استخدام القوة من جانب جيل الشباب سوف يقود إلى نتائج كارثية على الجماعة، هذا فضلًا عن إبراهيم منير تحدث عن أن الجيل الجديد يشبه أولئك المتعجلين الذين تحدث عنهم البنا فى رسائله، ومثلتهم مجموعة شباب محمد التى قادها فى أواخر الثلاثينيات ومطلع الأربعينيات محمود أبوزيد، هذا كله دون أن ننسى مقال محمود غزلان المشار إليه أعلاه فى المقال، وهو الأول من نوعه الذى يقول إن شبابًا فى الجماعة خرجوا عن منهج الجماعة وذهبوا لاستخدام العنف.
ويرد الجيل الجديد بأن المشكلة إدارية، وأن الجيل القديم لا يريد أن يترك مناصبه ولا يلتزم بقواعد الشورى واللوائح وضخ دماء جديدة فى الجماعة، بينما المشكلة هى جزء إدارى وجزء متصل بالتوجهات الفكرية والاستراتيجية للجماعة.
توقيت خروج محمود حسين للإعلام لأول مرة ثم الإعلان عن أن محمود عزت هو القائم بأعمال المرشد لا يمكن فصله عن حدثين مهمين، الأول هو إعلان الجيل الجديد الذى يحتل الأغلبية فى اللجنة الإدارية العليا فى مصر أنه يعد لأعمال ضد الدولة المصرية مع مجىء ذكرى ثورة 25 يناير لا يستبعد فيها استخدام العنف، والثانى هو تقرير بريطانيا عن أن الإخوان هى جماعة تمثل جسرًا للتطرف، ولها علاقة بشبكات العنف والإرهاب، هنا أراد الجيل القديم أن يحبط ما يريد القائمون على اللجنة الإدارية العليا فى مصر القيام به من أعمال ستذهب للعنف، كما أن تسرب معلومات لديه وهو مقيم فى لندن جعله لا يتأخر عن مواجهة الجيل الجديد فى مصر الذى يبدو أنه يأخذ الجماعة إلى كارثة من وجهة نظر الجيل القديم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف