الصباح
كمال الهلباوى
مولد النبى
فى هذا العام الميلادى 2015، جاء مولد النبى محمد «صلى الله عليه وسلم» مرتين، مرة فى يناير 2015، ومرة أخرى فى ديسمبر 2015 من نفس العام، إذ أن العام الهجرى يقل عن العام الميلادى سنويًا أحد عشر يومًا وجزء من الساعة، حيث إن ذلك يتغير من سنة ميلادية عادية (365) يومًا، أو سنة كبيسة (366) يومًا.
يحتفل المسلمون فى شتى أنحاء العالم بمولد هذا النبى الكريم، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ويختلفون إما فى شرعية الاحتفال أو كيفية هذا الاحتفال. وإذ أن المسلمين، يحتفلون بمولده الشريف، فلا حرج ولا كراهية عند من يفعل ذلك، من أن يحتفل بمولد الأنبياء والرسل الآخرين، وفى مقدمتهم أولو العزم.
فالرسل جميعًا والأنبياء عباد مكرمون. ومن أتبعهم من السعداء فى الدنيا، والآخرة.
أنا - كما تعلمت من العلماء والفقهاء - وباستخدام العقل والمنطق- ممن يرى أن الاحتفال بمولد النبى محمد «صلى الله عليه وسلم» - جماعة أو فرادى، مجتمعين منفردين - مناسبة كريمة لإخراج الناس من الاستغراق فى أمور الدنيا، إلى الحياة معه «صلى الله عليه وسلم»، ومع سيرته الكريمة، وما فيها من دروس عظيمة، فيستريح الناس ولو لساعات أو أيام أو سنوات، من هموم الدنيا، ويراجعون سيرتهم فيها، فى ضوء المسيرة العظيمة للأنبياء «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا» وفى ضوء «آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ». يتذكر الإنسان المؤمن، الخالق سبحانه وتعالى وملائكته وكتبه ورسله ويتجدد الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره وباليوم الآخر.
طبعًا فى مصر وفى غير مصر، ترى أن عند بعضهم خرافات وبدعًا تحتاج إلى من يعالجها ويدعو إلى السُنة الصحيحة، وهناك من يرى البدع والخرافات أعمالًا شركية أو شركيات. وهى إن بدت كذلك، إلا أن الأصل فى الإسلام أو دخول الإسلام أو بوابة الإسلام الكبرى، هو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ولا ينقض ذلك إلا بنواقض الإسلام المتفق عليها وليس المختلف فيها. والنية لا يطلع عليها إلا الخالق سبحانه وتعالى. «ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ»، وليس بالذبح والعنف والقتال والطرد والتشريد، كما يفعل الداعشيون، أو كما فعل الخوارج فى صدر الإسلام، أو حتى كما يفعل بعضهم ممن ينسبون أنفسهم إلى صحيح الإسلام ووسطية الإسلام، وهم يضربون المخالفين لهم، بالبيض الفاسد والضرب على قفاه أو السب والشتم، أو إفساد مناسبة ثقافية بإلغاء العقل واستخدام القوة.
فليس كل من احتفل بالمولد آثمًا، كما يحرم ذلك بعض المتشددين، وليس كل من احتفل بالمولد فائزًا كما يراه أهل البدعة، مع ارتكاب الآثام والبدع والشركيات. وهنا نقول قوله «صلى الله عليه وسلم»، «إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ»، هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على جميع أنبيائه ورسله وآله وصحبه، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وكل عام والجميع من أتباع الأنبياء والرسل الكرام - من غير المشركين والمنكرين - بخير وسعادة «إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ». وكم كانت كلمة الرئيس السيسى فى الاحتفال بالمولد فى هذا العام عظيمة، وهو يؤكد أهمية الاقتداء بخلق الرسول «صلى الله عليه وسلم» فى شتى مناحى الحياة.
والله الموفق
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف