محمد فودة
أقيلوا مدير مرور القاهرة!!
لا يمكن أن يكون دور مدير مرور العاصمة أن يقوم بتوزيع "الأنفار" الموجودين لديه. ويقول لهم انتشروا وباشروا عملكم "وعلي الله قصد السبيل"!!
إذا لم يكن لمدير المرور حلول للأزمة الطاحنة التي تعاني منها العاصمة فما قيمة هذه الوظيفة.. وإذا لم يكن لديه هذه الحلول فعلي الأقل من حقه أن يستعين بخبراء يساعدونه في حل "ارتباك" فوضي المرور. وإذا لم يجد الخبراء المصريين الذين يستطيعون إيجاد هذا الحل فليطلب من الحكومة الاستعانة بخبراء أجانب!!
أصبحت القاهرة وبالذات منطقة الوسط فيها تمثل عقبة مرورية بحق. ولذلك يرفض أصحاب التاكسيات المرور منها ولو دفعت لهم ضعف أجرة العداد!!
من غير المعقول أن استقل سيارة أجرة من شارع قصر العيني في طريقي إلي مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر وقبل ميدان التحرير بمائة متر تقريباً توقفت كل السيارات.. ولن تصدقني إذا قلت لك إن انتظارنا استغرق أكثر من نصف ساعة بالتمام والكمال. وكلما راودنا الأمل في قيام جندي الشرطة بفتح الطريق أمامنا يركبنا اليأس مرة أخري.. وعندما تحرك الركب بعد هذه المدة الطويلة توقفنا مرة أخري لمدة ربع ساعة في انتظار أن يسمح لنا جندي المرور بالتحرك.
وفي ميدان التحرير اختلط الحابل بالنابل.. فلم نعد نعرف إلي أي اتجاه سوف نسير فيه.. وبدلاً من أن يتوجه سائق التاكسي إلي شارع رمسيس عرج بي يميناً إلي باب اللوق وهناك أيضاً توقف المرور لمدة 15 دقيقة في شارع عماد الدين. و"بطلوع الروح" وصلنا أخيراً إلي ميدان مصطفي كامل وهنا اعتذر السائق عن السير بي إلي الجهة التي اقصدها. فاضطررت للنزول وتوجه هو إلي ميدان الأوبرا!!
سرت علي قدمي ما يقرب من 10 دقائق حتي وصلت إلي شارع 26 يوليو. وسألت سائقاً للتاكسي إن كان سيصل إلي شارع رمسيس فأجاب نعم.. ظننته أنه سيصل إلي الشارع مخترقاً شارع 26 يوليو لكنه عندما رأي الزحام أمامه توجه إلي شارع عماد الدين مرة أخري.. وأخيراً نزلت في هذا الشارع لأدخل إلي مكان العمل من الناحية الخلفية.
مسافة المشوار بين المنزل والعمل بالتاكسي لا تستغرق أكثر من 7 دقائق أو قل بالأكثر 10 دقائق.. ولك أن تتخيل أنني قطعت هذه المسافة في أكثر من ساعة ونصف الساعة.. وبدلاً من أن استقل سيارة أجرة واحدة اضطررت إلي ركوب سيارتين أي دفعت الثمن مرتين. وحتي لم أصل إلي الباب الذي اعتدنا أن نتوقف عنده فسرت علي قدمي حتي وصلت إليه!!
وسط القاهرة يا حكومة يحتاج إلي خبراء لحل لغز المرور المستعصي فإذا تحركت من إشارة بعد وقوفك فيها نصف ساعة تعقبها إشارة أخري مماثلة ثم إشارة ثالثة ورابعة وهكذا.. ضياع للوقت والجهد.. وعقبة ما بعدها عقبة للمستثمرين الذين نلح علي وجودهم في المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ.. بل هي عطلة في كل أمور حياتنا ولا يمكن أن تستقيم الحياة بهذا الشكل.
المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء الذي صرح بضرورة استعادة الوجه الحضاري للقاهرة من خلال تحقيق مزيد من الانضباط المروري رددت عليه وقلت إن ذلك مستحيل في ظل هذه الفوضي غير المعقولة التي لا يوجد مثلها في كل انحاء العالم.. ولعلك زرت يا سيادة رئيس الوزراء بلاداً كثيرة لم تشاهد فيها مثل ما نحن فيه حتي في افقرها وأقلها حضارة.. وأخيراً قلت لرئيس الوزراء "إنك واهم يا سيدي تماماً في طلبك هذا".
لست أعرف اللواء مدير مرور القاهرة - ولا أريد أن أعرف اسمه - لكن إدارة المرور تحتاج إلي عقل مفكر. بل إلي عقول مفكرة.. فبهذه الطريقة والفوضي التي تسيطر علينا لن يكون هناك وجه حضاري للعاصمة.. بل فوضي غير خلاقة اطلاقاً!!