عباس الطرابيلى
هموم مصرية النوادي.. تجارة مربحة!!
تتحدث الحكومة كثيراً عن مراكز الشباب.. وقصور الثقافة.. بينما ليس عندنا الآن مراكز للشباب، وإن كانوا يحملون الموازنة الملايين.. ولا قصور للثقافة وربما ليس عندنا أيضا.. مثقفون، كما كان عندنا منذ عشرات السنين..
وبسبب غياب مراكز الشباب.. وقبلها كان عندنا «ساحات شعبية» نشطت في بلادنا الآن تجارة النوادي.. وتجارة عضوية النوادي.. وبسبب غياب مراكز الشباب، انتشرت عندنا حكايات أبناء الشوارع والبحث عن مكان يلتقي فيه الناس.. الآن أصبحت «النوادي» للأغنياء.. فقط. كانت في مصر نوادي الجزيرة لصفوة الصفوة.. والصيد للهواة، حتي وإن لم يعرفوا ماذا يصطادون.. ثم النوادي الرياضية: الأهلي- الزمالك، بجانب أندية الهيئات الكبري مثل السكة الحديد والترام والترسانة والمصانع الحربية قديماً.. أو الشركات الكبري مثل المحلة الكبري وغزل المحلة ودمياط وطنطا.. والآن نجد نوادي للمقاصة واسبورتنج وشركات البترول والشرطة والقوات المسلحة.. ولكن هذه كلها نواد رياضية، أي ترعي فرقاً رياضية لا أكثر..
<< ولكن، وبسبب غياب النوادي الاجتماعية التي تمتص نشاط الأعضاء وتوفر أماكن لأطفالهم للسباحة والرياضات الأخري.. ظهرت عندنا نواد عديدة توفر أماكن معقولة يلتقي فيها وتذهب العائلات مثل الشروق والزهور وهليوبوليس.. ولكن نعيش الآن عصراً تحولت فيه هذه الأماكن إلي تجارة.. وإلي شركات استثمارية توفر احتياجات الناس إلي أماكن للتجمع.. تحمي الأولاد.. وتحفظ العائلات. وفيها أيضا كثير من النشاط الرياضي، ولقضاء أيام العطلات والإجازات..
<< وعرفنا لذلك كثيراً من النوادي تصل فيها رسوم العضوية إلي عشرات الألوف من الجنيهات. بل منها ما يطلب مئات الألوف للفوز بإحدي هذه العضوية!! ووجدنا نوادي تصل فيها العضوية إلي 100 ألف جنيه بل و250 ألف جنيه.. حسب اسم النادي. وموقعه.. وما يوفره للأعضاء وبذلك تحولت العضوية إلي عملية تجارية استثمارية، حتي إن بعض الأندية يقدم عضويته.. بالتقسيط المريح. ادفع مقدم كذا.. والباقي علي عدة سنوات، وبدون فوائد.. للزوج والزوجة و3 أبناء.. وماذا لو زاد عدد الأولاد عن ثلاثة؟!. وهل أصبحت العملية مثل حجز الشقق..
<< وقد نقلنا عن الغرب حكاية النوادي الاستثمارية.. بل إن أكبر النوادي في بريطانيا وإيطاليا وفرنسا- وغيرها- تعرض أسهمها في البورصات.. والنوادي نفسها للبيع.. وكله بالثمن.. وأتذكر هنا كيف حصلت علي عضوية نادي الزمالك- لنفسي وللأسرة- مقابل ستة جنيهات في السنة لنا جميعا في بداية الستينيات.. وبالتقسيط.. تخيلوا؟! لنستفيد من كل امكانيات النادي: الرياضية والاجتماعية والألعاب.. والطعام المدعم علي حمامات السباحة بهذه المبالغ الهزيلة.. الآن نجد كثيرا من النوادي تغلق أبواب العضوية ولا تفتحها إلا كل كذا عام.. وبأسعار تصل إلي 200 ألف جنيه..
<< والسبب هو تقصير الدولة في توفير أماكن نظيفة يدخل إليها الناس لينعموا ويتنزهوا. وأتذكر كيف كانت عندنا- في دمياط- حديقة خاصة بالعائلات.. وأخري لعامة الشباب. وكانت فرق الموسيقي التابعة للشرطة أو البلدية تعزف لنا- في هذه الحدائق- أيام الإجازات ومازالت أتذكر كشك الموسيقي، في كل حديقة بدمياط أيامها.. وكذلك كانت في أبوظبي حديقة للعائلات مزودة بكل ألعاب الأطفال وغيرها..
والطريف أن عندنا- علي الورق- مراكز للشباب.. وهي التي لمسها لنا الزعيم عادل إمام في فيلمه الجميل «التجربة الدنماركية» ولكنها حقيقة واقعة.. وهذه المراكز لها قيادات ومسئولون يحملون الدولة مبالغ طائلة.. ولا يدخلها أحد.. وكان ذلك من أسباب قنابل أطفال الشوارع..
<< والمواطن- مهما كان دخله- يبحث عن مكان نظيف يذهب إليه مع أسرته ويأمن عليها هناك. وقد كنت أذهب بأسرتي- في الستينيات- إلي نادي الزمالك.. وأتركهم هناك وهم آمنون. ثم أعود إليهم بعد انتهاء عملي في أخبار اليوم لنتناول طعامنا بأقل الأسعار..
الآن تحولت عضوية النوادي إلي عمليات استثمارية.. تجارية تبحث عن الربح.. ولما زادت أرباحها.. زاد عدد هذه الأندية، خصوصاً في التجمعات الجديدة.. وبالقرب من الكومباوندات.. وإذا كان عندنا الآن من يملك القدرة علي دفع اشتراكاتها.. فماذا عن باقي الشعب..
<< وتلك هي مهمة الدولة.. طيب والدولة تلاقيها من فين.. أو فين.