سناء السعيد
بدون رتوش جامعة الأزمات العربية..!!
الخميس الماضى أدان مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزارى التدخلات الإيرانية فى الشؤون الداخلية للدول العربية متهما إياها بتهديد الأمن والسلم الإقليمى والدولى. ويبدو أن الأمر اختلط على الجامعة التى ما فتئت تتخذ قرارات وتصدر بيانات تتناغم من خلالها مع الأجندة الأمريكية الغربية، فمن مصلحة الغرب بث الوقيعة بين إيران والدول العربية، وبالتالى فهو يميل دوماً إلى شيطنة إيران وتصويرها كفزاعة للمنطقة. ويغيب عن الجامعة أن استمرار الشحن ضد طهران ستكون له انعكاساته السلبية على المنطقة ويتصدرها ترسيخ الفتنة الطائفية أكثر وأكثربين السنة والشيعة. وهى الفتنة التى أكلت الأخضر واليابس فى المنطقة وأدخلت دولا عربية فى مربع الأزمات والصراعات.
وإذا أردنا الحقيقة فليست إيران هى التى لعبت دوراً تآمرياً ضد الدول العربية وإنما الجامعة هى التى حملت هذا الوزر، فلن ننسى كيف أنها أعطت الغطاء والمصادقة لحلف الناتو لقصف ليبيا فى مارس 2011 عندما وافقت على فرض حظر جوى، فكان أن تولى الناتو قيادة العمليات الهجومية بمشاركة 18 دولة من أعضائه بتاريخ 31 مارس 2011 وحتى 31 أكتوبر من نفس العام ليصل مجموع الطلعات الجوية إلى 17939 ليباد الكثير من المدنيين.ولا شك أنه لم يكن هناك مسوغ للهجوم العسكرى أصلاً لا سيما مع التداعيات التى خلفها عندما تحولت ليبيا إلى ميليشيات مسلحة أشاعت الفوضى وعدم الاستقرار ووجد فيها داعش أرضا خصبة له.ثالثة الأثافى قرار الجامعة الآثم بتعليق عضوية سوريا فيها ليسرى مفعوله اعتبارا من 16 نوفمبر 2011 ودعوة الدول العربية لسحب سفرائها من دمشق بالإضافة إلى فرض عقوبات سياسية واقتصادية وهى قرارات غير قانونية ومخالفة لميثاق الجامعة ونظامها الداخلى.
لقد فقدت الجامعة الحيادية والمهنية وخضعت للغرب. ظهرت مجرد ديكور. وتكفى قراراتها الورقية. عجزت عن حل الأزمات فى المنطقة بعد أن رهنت مواقفها بالقوى المادية، فزادت الأزمات. استبدلت الصراع العربى الصهيونى بصراع وهمى مع إيران.وإذا كان الفزع قد انتابها من سعى إيران لملأ الفراغ فى المنطقة فيتعين عليها أن تسعى بدورها لملء الفراغ بقرارات ومواقف عملية تقطع بواسطتها الطريق على إيران. بيد أنها تبدو عاجزة عن ذلك.لقد فاتها أن إيران لم تتدخل فى أى بقعة من العالم العربى إلا بعد أن تخلى العرب عن تلك البقعة، فإيران لم تتدخل فى العراق بعد زوال نظام صدام إلا بعد أن تخلى العرب عن تقديم أى دعم له كى يستعيد قوته وعافيته. كما أنها تدخلت فى سوريا نتيجة الحصار الظالم الذى فرضته الجامعة العربية عليها. وبالتالى فالقول بتدخل إيران فى الشؤون العربية هو قول لا أساس له من الصحة، فالدول العربية هى التى انسحبت وتخلت عن دول عربية تعانى من أزمات فبادرت إيران بمد يد المساعدة إليها وملأت الفراغ. وبالتالى لايمكن توجيه اللوم لها ناهيك عن أن ندعو إلى استعدائها.