حازم هاشم
مكلمخانة كم ذا بمصر من المضحكات!
الاهتمامات العامة التي تصطنع من جانب الإعلام أو هواة الاستعراض والظهور يمكن أن تصلح للتسلية وشغل أوقات الفراغ، ولكنها لا يجوز شغل الناس بها عندما يهمل الاهتمام بشئون عامة وهموم حقيقية ينبغي أن يدور حولها النقاش والجدل بغية التوصل إلي تخفيف هذه الهموم وتلافي المخاطر المرافقة لها بالعمل الذي لا يكون المواطن قد استبدله بالتسالي وقتل الوقت!، ومن المثير لدهشة أي عاقل في مصر أن يكون الاهتمام والانشغال العام باختلاق موضوعات هامشية ليسلط الضوء عليها والإلحاح بالجدل حولها حتي يكون ذلك هو الشغل الشاغل، فيشك العاقل منا في أن بلادنا تعاني ركاماً يتزايد من الأزمات والمزانق التي لا سبيل للخروج منها غير عمل دؤوب!، فمن ذا الذي يصدق ـ مثلاً ـ حجم مليارات الدولارات التي تنفقها بلادنا المأزومة علي طابور طويل من السلع الترفيهية الاستهلاكية لبعض مواطنينا وما يلزم من الطعام المستورد لحيواناتهم الأليفة!، وعندما هبطت قيمة عملتنا المحلية في مواجهة الدولار الأمريكي، ويأتي النذير بأننا مقبلون علي زيادات متوالية في ثمن الدولار بالبنوك والأسواق السوداء للتجارة في العملات!، ونشرت معظم الصحف ساخرة من طابور المستوردات الذي عرفه جميع الناس فلم يستفز ما ورد في الطابور غير الذين يدركون عن بصيرة معني أن يستمر استيراد مفردات الطابور المستفز لأي صبور!، لكننا لا نعرف حتي الآن سكوت الجهات المسئولة عن هذه «الرذيلة الاقتصادية» التي يمارسها حفنة من المستوردين لا يعنيهم أولاً وأخيراً غير أرباح هي في واقع الأمر تنتسب عن جدارة للمحرمات!، وفي حين أن هناك قرارات لها قوة القانون قد صدرت في عدم وجود برلمان!، فإنه كان يجب أن يكون هناك قرار عاجل بقانون يوقف بمقتضاه أي نوع من الاستيراد الترفي الذي أصبح يساهم في إفشال الحلول لرفع قيمة عملتنا المحلية، والقضاء علي هيمنة الدولار الأمريكي علي اقتصادنا من سعر كيلو اللحم إلي حزمة الجرجير!.
لكننا لا يشغلنا ذلك الانشغال الواجب!، وإنما أصبح يعنينا هذا الجدل الدائر حول الشخصية التي ستتولي رئاسة البرلمان وإدارة انعقاده!، وترشحت أسماء من جانب المزايدين والحالمين بمناصب الوجاهة!، حتي إذا التقي رئيس الجمهورية بالرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، إذا بأصحاب التكهنات يربطون بين هذا اللقاء واعتباره الاختيار لمنصب رئيس البرلمان!، ودون أن يتأكد ذلك كان علي جمهور مشاهدي التليفزيون إبداء رأيهم في ترشيح المستشار عدلي منصور لهذا الموقع كأنه قد أصبح مؤكداً!، ويترك محافظ الشرقية موقعه لمحافظ جديد، فكان لابد أن يجد الذين لا شاغل لهم ما يقتلون به أوقاتهم من بحث يصلون به إلي الأسلوب الذي فاتح به الوزير المختص المحافظ الذي مضي!، وليستهلك هذا الأمر أياماً منا ضمن حياتنا الحافلة بالمضحكات!