صباح الخير
مفيد فوزى
سماعي
شعرت بقشعريرة تهز بدنى، وعيناى تقعان على مجلد أنيق تتصدره صورة الرائدة الجليلة «فاطمة اليوسف» أيقونة الصحافة والفن. وعنوان المجلد «90 عاما من الحرية والتمرد» من عام 1925 إلى عام 2015. حملنى الخيال على جناحه لأرى الست صوتها يجلجل فى ردهات «روزا» القديمة شارع محمد سعيد وأبوالعينين يمرق إلى مكتبه كراقص باليه وإحسان أو «سان» كما يطلق عليه المقربون منه ينتحى بسامى الليثى وعميد الإمام، والرسام زهدى يطيح بصوته فى الرأسمالية ومديحة فى خجل العذارى تبلغ إحسان أن الست وصلت وأحمد بهاء الدين يظهر كالطيف ود. مصطفى محمود فى جدل مع جمال كامل حول لماذا خلقنا الله. وكامل زهيرى يدخل مكتبه محملا بالصحف الأجنبية وآخر ما أخرجته المطابع ولويس جريس يرعى شباب «روزا» من زينب صادق ومحمود المراغى وأنا، ويقص علينا حكاياته الأمريكية، وحسن فؤاد فى صحبة صلاح عبدالصبور الغاضب دوما والمبتسم دوما صلاح حافظ، عشرات بل مئات الصور، أكاد أراها وأسمع أصوات أصحابها بمجرد رؤيتى للمجلد الفخيم الذى صنعته إرادة وإدارة «روزاليوسف».
هاهم أحفاد العظيمة «روزا» يسجلون نبض صحافة الحرية والتمرد التى زرعتها فى شارع الصحافة وجعلت من مطبوعات «روزا» الأكثر تأثيرا فى الوجدان المصرى. إن رؤساء مجالس الإدارات ينشغلون عادة بالأمور المادية والتوزيع والأرباح، بيد أن المهندس عبدالصادق الشوربجى ينشغل بتوثيق شخصيات مهمة فى حياة أهم مدارس الصحافة المصرية «روزاليوسف».
احتشد عبدالصادق بفريق من المهارات الصحفية على رأسهم الشاعر محمد بغدادى ولديه تجارب ناجحة فى التوثيق «قدم لعشاق صلاح جاهين صفحات غالية خلال رئاستى لصباح الخير وكانت عملا فريدا، ومع بغدادى متذوقان للكلمة عاصم حنفى ورشاد كامل ثم فريق عمل أشبه بالمنتخب الوطنى».
هذا العمل الوثائقى له دلالات، الأولى أن الإعلام الورقى لايزال بخير ولم يدخل حارة الإعلام الفضائى الذى تدنى فى معظمه. الدلالة الثانية أن الصحافة المصرية وعلى رأسها «روزاليوسف» لايزال لها دور مستنير وتبصيرى خصوصا أنها تميزت بالكاريكاتير أمضى الأسلحة فىالنقد. فالكاريكاتير ولد على صفحات «روزا» وشقيقتها صباح الخير، وتعتبر «روزاليوسف» مملكة الكلمة والرسوم الكاريكاتيرية من البهجورى وبهجت والليثى ورجائى وجاهين وحجازي يسبقهم زهدى. الدلالة الثالثة: أن معظم نجوم الصحافة مروا على «روزا»: هيكل وبهاء وعادل حمودة، أحمد بهجت، وجاهين ويوسف فرنسيس وهم يبرهنون على قوة الكلمة وسطوة الخطوط المبصرة، فهى حقا مدرسة الهواء الطلق فى صحافتنا.
الدلالة الرابعة: أن مدرسة «روزاليوسف» منذ نشأتها إلى الآن تقف على يسار النظام، وهذا موقفها الفكرى والسياسى دائما.
الدلالة الخامسة: عبر 90 عاما لم تذهب الكلمات المنشورة هباء، بل أثرت الوجدان وضخت وعيا فى العقول وغذت الوطنية المصرية ونجحت فى تعميق «قبول الآخر». الدلالة السادسة: أن مشعل «روزا» المنادى بالحرية والتمرد ينتقل من جيل إلى جيل، وقد جعل المهندس عبدالصادق الحلم حقيقة وصرنا نتباهى بهذا المجلد الذى تفوح منه رائحة التاريخ وعطر الريادة. •
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف