نصف الدنيا
أمل فوزى
عواجيز الفرح
يا ترى ممكن يكون هناك فرح من غير عواجيز، الإجابة بكل تأكيد لا، فعواجيز الفرح كالشىء لزوم الشىء، فحتى لو كان كل الحاضرين من الشباب فإنك ستجد منهم من هو أكثر هرما من الشيوخ، ومصطلح عواجيز الفرح يطلق على من لا يعجبه العجب ويفتش دائما عن النقاط السوداء فى كل شىء ناصع البياض، وأصل هذه التسمية يعود إلى أن بعض الناس بعد أن يصيبهم الكبر بأمراض كثيرة تعيقهم عن الحركة والمشاركة فى الاحتفال فيكتفون بالمشاهدة من بعيد، وحتى يبرروا عجزهم وعدم قدرتهم على المشاركة يبحثون عن أى شى ينتقدون به الآخرين، فيشغلون أوقاتهم الرتيبة المملة بالكلام والنميمة وفى نفس الوقت ينفثون عن شعورهم بالضعف، فالعروس فستانها مفتوح شوية ويتناسين أنهن فى شبابهن كن يرتدين بطريقة أكثر انفتاحا منها، يعيبون على أن لحم الديك الرومى ناشف حتى يبعدوا التهمة عن أسنانهم الصناعية غير القادرة على مضغ الطعام، يشتكون من الزحام والصخب فى الحفل حتى يداروا على الخشونة والوهن اللذين أصابا سيقانهم فأعاقاهم عن التنقل من أماكنهم بسهولة، وعواجيز الفرح لا يقتصر وجودهم على قاعات الأفراح، فهم موجودون فى كل مكان فى العمل والنادى وبين الجيران، لو وجدوا امرأة ناجحة فى عملها فلابد وأنها تهمل زوجها ولو كان رجلا ذا مكانة مرموقة وثروة وفيرة فلابد وأن أبناءه يعانون من إهماله لهم، إن وجدوا الرئيس يقدر موظفيه ويثمن جهدهم فلابد وأن هناك مصلحة تجمعهم ولو وجد المرؤوسين يذكرون رئيسهم بالخير فهو من المؤكد ضعيف الشخصية ويترك لهم الحبل على الغارب حتى يحبوه، وهؤلاء ينزعجون دائما من نجاحات الغير وينسبونها للحظ أو لمساندة الكبار لهم، وذلك حتى يوجدوا لأنفسهم الحجة لعدم قدرتهم على الوصول إلى ما وصل إليه هؤلاء، ولأنهم “عواجيز” فإنك لا تستطيع أحيانا أن تقسو عليهم وتجد أن فى هذا العَجَز «بفتح الجيم» أو العجْز «بالسكون» ما يكفيهم، فتضطر للتعامل معهم بلطف متجاهلا ما يكيلون لك من ذم وانتقاد، معزيا نفسك بأنه يكفيك أنك تنظر للأمام دائما، للمستقبل، فى حين أنهم لا ينظرون سوى للخلف، أعاننا الله على عواجيز الفرح ومنحنا شباب القلب حتى ونحن فى سن الشيخوخة.

نور الكلمات

« ما أضمر الإنسان شيئا إلا ظهر فى فلتات لسانه وصفحات وجهه»

« إذا تم العقل نقص الكلام»

الإمام على ابن أبى طالب
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف