محمد جبريل
ع البحري البترول ومستقبل الوطن العربي
النرويج دولة مصدرة للبترول. لكن البترول يشكل 20% فقط من صادراتها. في حين أن معظم العائد القومي يأتي بواسطة تنوع الصادرات من صناعات متقدمة ومنتجات زراعية وضرائب. في المقابل. فإن دول الخليج تعتمد علي عائدات البترول بصورة أساسية. دون تدبر توقعات المستقبل.
البترول مادة ناضبة. وكان تحذير جاك بيربي بأن ستينيات القرن الماضي موعد انتهائها. لكن الاكتشافات التالية أعطت للبترول في الاقتصاد العربي - والخليجي بخاصة - عمرا جديدا. وإن أكدت أحدث التوقعات أن السنوات الثلاثين القادمة هي الموعد الأقصي للبترول في اقتصادنا القومي. وهو ما ينعكس في سعي الدول المتقدمة إلي الطاقة البديلة. باعتبارها وسيلة التعامل مع المستقبل.
أخطر ما تعانيه الشعوب حين تصنع رخاءها من ثروة وحيدة. إلي جانب أنها ثروة ناضبة!
المثل نجده في الولايات المتحدة التي تحتفظ بمخزونها الاستراتيجي من البترول. بينما تحصل عليه الشركات المتعددة الجنسيات التي تقع مراكزها في عواصم الغرب. وفروعها المنتجة في أقطار الوطن العربي. الحياة الاقتصادية الأمريكية قوامها الزراعة والتصنيع الزراعي والمستحدثات العلمية والتكنولوجية والأسلحة.. والقائمة طويلة بما يكفي لتحقيق التنمية في مجتمع متقدم.
المثل الآخر نجده في اليابان التي تكاد تخلو من الموارد الطبيعية. لكنها استطاعت تعويض ذلك بالإصرار علي الإنتاج. والإفادة من الذهن الإنساني. وكل الوسائل العلمية الحديثة في تحقيق التقدم. وهو ما أتاح لليابان أن تحتل مكانتها الحالية بين دول العالم في أعقاب الحرب العالمية الثانية التي شهدت فيها دمارا هائلا. وتلاشت من خريطة العالم مدينتان مهمتان هما هيروشيما وناجازكي.
استطاعت اليابان أن تتجاوز المأساة لتصنع مجتمعا نشطا. منتجا. يهب العالم أحدث معطيات الفكر حتي أطلق عليه البعض - إعجابا - وصف كوكب اليابان الشقيق.
قد تمتد الأمثلة إلي الصين التي كانت - حتي أوائل الخمسينيات - مستنيمة إلي تسميته بلد الأفيون. والكوريتين اللتين عانتا تأثيرات حرب مدمرة. شاركت فيها قوات العديد من الدول. أشبه بحرب عالمية مصغرة.
ليس في حوزتي أرقام عن خطط دول الخليج للمستقبل. ما تعد لاتخاذه من خطوات حتي لا تبدأ في البحث عن أول ناقة بعد نضوب آخر بئر بترول! أعرف أن الكويت لها صندوق باسم الأجيال القادمة. أو تسمية بهذا المعني. يخصم نسبة من عائدات البترول لحساب المستقبل. الأهم من توفير الأموال للمستقبل أن نصنع هذا المستقبل. بداية بالطاقة البديلة التي فطنت إليها دولة الإمارات مؤخرا. واتخذت في سبيل انتاجها خطوات جادة. والأمثلة تطالعنا في الدول التي أشرت إليها. فضلا عن دول أخري تنتمي إلي قارات العالم. ماليزيا - علي سبيل المثال - تدين بالحكم للعديد من السلاطين. وللبيروقراطية والتخلف. ولما تولي مهاتير محمد رئاسة الوزارة. ارتقي ببلاده من القاع إلي القمة. وأفلحت - بجدارة - في اللحاق بالنمور الآسيوية.