المساء
مؤمن الهباء
شهادة المطران.. صوت فلسطين
في زمن الانكسار والتفكك والانبطاح والخذلان جميل جدا أن تستمع إلي صوت الصمود والقوة والأمل.. صوت فلسطين الحرة الأبية التي لم تستسلم للهزيمة والنكسة والهوان.. صوت المطران عطاالله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في القدس المحتلة الذي استضافته قناة النيل للأخبار الأسبوع الماضي لما يقرب من ساعة وأجرت معه ¢الأهرام¢ حوارا مطولا نشرته في 13 ديسمبر الجاري.
كتبت مرات عديدة عن هذا الرجل الذي يهزني من الأعماق كلما استمعت إليه أو قرأت له.. كأنه صوت قادتنا العظام يأتينا من بين صفحات التاريخ المجيد لكي يبث فينا روح العزة والكرامة.. كأنه صوت قطز وبيبرس وصلاح الدين وغيرهم من أضاءوا لنا طريق الحرية.. وطهروا أرضنا من رجس المحتلين الغاصبين.
وعندما جاءني صوته قويا متحديا هذه المرة أيضا عبر شاشة النيل للأخبار وعبر حوار ¢الأهرام¢ لم أستطع مقاومة الطاقة الهائلة التي امتلأت بها عزة وفخارا.. والتي دفعتني دفعا إلي أن أكتب هذه السطور.. لعلها توقظ الغافلين.. وتبث الثقة والثبات في نفوس اليأسين المحبطين المنبطحين والمستسلمين للهوان.
يقول المطران عطاالله حنا: كافة الإجراءات الإسرائيلية في القدس غير شرعية وغير قانونية.. إسرائيل قوة احتلال.. والاحتلال باطل ويجب أن يزول.. ولن تستطيع إسرائيل بسط نفوذها علي القدس بسبب صمود المقدسيين.. رغم كل الظروف والإبتزازات الإسرائيلية فإن المقدسيين الفلسطينيين متمسكون بعروبتهم وانتمائهم وحقهم الكامل والمشروع في الدفاع عن القدس.. نحن لم نأت إلي إسرائيل.. إسرائيل هي التي أتت إلينا واحتلت أرضنا وتعاملنا كالغرباء في وطننا.. نحن لا نعرف غير فلسطين وطنا لنا.. وسنبقي نناضل معا وسويا مسلمين ومسيحيين من أجل هذه الأرض واستعادة حقوقنا المسلوبة.
لقد فشلت إسرائيل فشلا ذريعا في تغيير ملامح القدس والقضاء علي الحضور الفلسطيني فيها بالرغم من كل الأموال والمشاريع والسياسات.. فكل زقاق وكل شارع وحجر ومسجد وكنيسة في المدينة المقدسة يحدثنا عن تاريخنا العربي المجيد.. فالقدس مدينة عربية وستبقي عربية رغما عن كل سياسات الاحتلال.
إنه هنا يرد بكل وضوح علي المنبطحين والمتخاذلين الذين يروجون لأكذوبة ¢يهودية القدس¢ وهم لم يقدموا شيئا للقدس.. ولم يطلب منهم أن يقاوموا أو يصمدوا .. كل ما يطلب منهم أن يبتعدوا عن ساحة هذه المعركة.. لأنها معركة الشرف والشرفاء.
وحين سئل المطران عطا الله عن قضية تجنيد المسيحيين العرب في الجيش الإسرائيلي قال إن هذا المشروع فشل فشلا ذريعا.. وكان الهدف منه إثارة الفتنة والبلبلة في صفوف شعبنا الفلسطيني.. وقد رفض المسيحيون العرب بغالبيتهم الساحقة هذا المشروع لأنهم فلسطينيون منحازون لقضية شعبهم.. وكل رؤساء الكنائس المسيحية في فلسطين رفضوا المشروع.. ومن يروجون له لا يمثلون إلا أنفسهم ولا يمثلون المسيحيين.. المسيحيون الفلسطينيون عرب مائة بالمائة.. ولن يتنازلوا عن أصالتهم وانتمائهم العربي الفلسطيني.
ومن خلال حديث المطران نكتشف أن نسبة المسيحيين في فلسطين لا تتجاوز 1% في حين أنها كانت قبل 1948 تتجاوز 25%.. وهو ما يؤكد أن الذي يتحمل مسئولية إفراغ فلسطين من مسيحييها هو الاحتلال الإسرائيلي.. ومع ذلك فإن المهاجرين المسيحيين يحملون قضية بلادهم معهم ويدافعون عن حقهم في العودة.
وماذا عن المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية؟
يقول: لا أحد الآن في فلسطين يتحدث عن المفاوضات التي وصلت إلي طريق مسدود.. الحديث الآن عن الصمود.. ونحن من البداية لم نكن نتوقع أن تؤدي المفاوضات إلي أي نتيجة بسبب العنجهية الإسرائيلية والانحياز الأمريكي.. إسرائيل استغلت المفاوضات لبسط سيطرتها علي القدس وإقامة الجدار العنصري.. نحن لا نراهن علي المفاوضات وإنما نراهن علي الصمود.. ماحك جلدك مثل ظفرك.. نراهن علي سواعد أبنائنا وبناتنا الذين يواجهون المحتل بصدورهم العارية.. حتي الذين كانوا يتفاوضون الآن يقولون لا فائدة من المفاوضات.. وإذا كنا اليوم كفلسطينيين غير قادرين علي تحرير بلادنا فليس مطلوبا منا أن نتنازل عن أي من الثوابت الوطنية لتبقي قضيتنا حية.. صحيح أن الصورة قاتمة.. لكنها سحابة صيف وستزول.
أرأيتم كيف يكون اليقين وكيف يكون الصمود..؟ المجد للأحرار.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف