جمال زهران
التحالفات الوهمية في برلمان غامض
الي الذين لا يعرفون كيف يعمل البرلمان؟ وآليات تكوين التكتلات البرلمانية؟ والممارسات البرلمانية الجادة من الممارسات الإعلامية عديمة الجدوي والقيمة؟ عليكم أن تتعلموا من أصحاب العلم والخبرة، ربما ينصلح حالكم.. وتتحركوا بالبلاد إلي الأمام خطوات أو علي الأقل عدم الرجوع إلي الوراء!!
فقد رأينا علي السطح جهودا محمومة من أجل تكوين تحالفات تضم أطرافا حزبية ومستقلين ووجدنا بادرة من البارزين في قائمة "في حب مصر" في تكوين تحالف يضم أعضاء القائمة وعددهم "120" نائبا، وضم بعض نواب الأحزاب الممثلين في القائمة، لتوسعة التحالف، مع ضم عدد من المستقلين، ليصل العدد علي حسب ما ينشر ويذاع، إلي نحو "400" نائب من اجمالي نحو "600" نائب عدد أعضاء البرلمان، أي ما يوازي الثلثين ويفوق، بما يحول دون وجود ثلث معطل للقوانين والمشروعات والتعديلات الدستورية المطلوب تمريرها بدون تعطيل طبقا لما صرح به بعض من قيادات هذه القائمة وهذا التحالف ولا شك ان الهدف في حد ذاته مشروع، دون سفسطة، حيث أن هذا يفتح الباب أمام تكوين تكتلات سياسية أخري ومنها ما قد أعلن عن تكوين تكتل باسم "العدالة الاجتماعية" وهو ذات الاسم لتحالف العدالة الاجتماعية "25 يناير- 30 يونيو" الذي أتشرف بأن أكون ومازلت المنسق العام له، والذي أعيق عن ترشيح قوائمه عنوة وتحت سطوة الحكومة والمال السياسي المشبوه معا. وقد يفتح الباب أيضا أمام منافسة سياسية جادة قبل ان يتم الوصف بهذا البرلمان وهو وارد جدا. فقانون الحقوق السياسية، وقانون مجلس النواب، لم يمنعا من تكوين تحالفات من الأصل، بل سمح بها، وترشح باسمها العديد من الأشخاص، وعليهم عندما نجحوا ان يستمروا بهذه الصفة طوال تمثيلهم في البرلمان. وحتي لو كان القانون لا ينص أو يعترف بهذه التحالفات، فهي مشروعة في داخل البرلمان علي أساس انها تحالفات تنسيقية يراعي فيها الالتزام بالتصويت في قضية معينة، وفي المعني الأخير هي غير مجرمة قانونا، ومسموح بها في الممارسة السياسية والبرلمانية.
والمشكلة الأساسية انه ليس لدي هذه التحالفات العقل المدبر والواعي وصاحب الخبرة، فيخرج التحالف علي خلفية التكوين الهلامي وخبرة الحزب الوطني الفاسد والمنحل، وقائم علي الهرولة مثلما حدث عند تكوين السادات للحزب الوطني عام 1978م بعد توقيع كامب ديفيد، فهرول نواب حزب مصر العربي الاشتراكي إلي حزب السلطة!! ولذلك اتضح ان هناك من تلقي التعليمات من جهاز الأمن الوطني، الانضمام إلي تحالف دعم مصر، وهناك من سعي إلي الانضمام حماية لمصالحه الشخصية وتوفير غطاء حمائي، وهناك من سعي للحصول علي مناصب داخل البرلمان وعددها داخل اللائحة القديمة "79" موضحا بما فيها الرئيس والوكيلين....إلخ. كما أن تكوين هذا التحالف ترميزا للسلطة والدولة، فكما تكونت قائمة "في حب مصر"، يتكون تحالف دعم مصر، أو الدولة حسبما يري أصحابه، عن طريق أجهزة رسمية في الدولة وقد كشفنا ذلك بالدليل، بدأ بمبادرة كمال الجنزوري، وانتقلت إلي غرف مجلس الوزراء "حكومة محلب" ومازالت تعمل حتي تكوين التحالف، ثم تستمر لتشغيل وتحريك هذا التحالف. أي أن هناك أيادي غير مباشرة وغير واضحة وغير مرئية تحرك المشهد في إعادة انتاج حزب وطني جديد بلا جدال، لإعادة نفس مشهد ما قبل 25 يناير 2011، وربما أسوأ، لأن المولود الجديد مشوه ووهمي وغير مكتمل النضج لأنه يمثل قوي المال السياسي المشبوه وغير الشرعي. علي العكس من ذلك لو كان قد تم تكوين تكتل سياسي حقيقي له توجهات الشعب والثورتين بانتقاء الشخصيات التي تقترب من هذا التيار، لكان الأمر له شأن آخر.
وطبقا للائحة، الكيانات المعتمدة هي الأحزاب، ولكل منها رئيس هيئة برلمانية، والمستقلين وله مقعد في مكتب المجلس وكان يرشح له دائما من 2000- 2005، ثم 2005-2010، الاستاذ كمال أحمد النائب المخضرم والقدير. ولذلك فإنه لن يكون لهذا التحالف أو ذاك، أي وجود قانوني داخل البرلمان، ولكنه يظل له وضع سياسي بالتنسيق خارج البرلمان والاتفاق داخل البرلمان أثناء التصويت، ولكن لن يكون له زعيم سياسي كما يقولون، ولا زعيم أغلبية لأنها غير موجودة قانونا، والأمر غامض في برلمان غامض محفوف بالمخاطر، ولعل تأخير انعقاده رسالة بعدم شرعيته الدستورية، وللحديث بقية ان شاء الله، ومازال الحوار متصلا.