مازالت قضية القدس، او ما يجرى فى القدس يثير الكثير من التساؤلات البدهية التى يحتار امامها من يتابع ما يحدث فى الارض العربية المحتلة، وما يسود الاعلام اليهودى من المتطرفين أو دعاة العقيدة من المتطرفين الدينيين بوجه أخص.
من ذلك ما يتناثر من آن لاخر حول استخدام المصطلحات اليهودية فهناك تتردد كثير من المصطلحات او الاسماء ذات الأثر العبرى القديم، فى حين ان دراسة الانثربولوجيا الدينية تنفى حضور يهود التاريخ فى زماننا هنا والآن كما أكد جمال حمدان فى ذلك دراسة مهمة عن «انثربولوجيا» بين رجال الدين والاعلاميين الصهاينة للافادة من التاريخ واعادة توظيفه، فبجانب توظيف التاريخ لتأكيد الحضور الاسرائيلى وهذا غير صحيح تتناثر فى هذا الاعلام مصطلحات عبرية مريبة!! تطلق على مسميات عربية، وكأنها مسميات عبرية.. والامثلة هنا لا تتحدد أو تتوقف.
ومن ذلك حين اعيد ترجمة الاسماء العربية الى اسماء صهيونية لها علاقة بالتاريخ مع ان ذلك غير صحيح.. اذ تتردد مصطلحات عبرية وكأن التاريخ يعيد نفسه من أكثر من أربعة آلاف سنة، وعلى سبيل المثال نحن امام اسم عبرى للمستوطنات الاستعمارية هو (هتنحليوت) ويطلق على الضفة لفظة (هجدا) بل ويطلق على المناطق المستعمرة عبارة (شطحيم) ثم نتعرف على حركة الاستيطان الصهيونى فنجدها تورد اسم (هتيشفوت)، وحين نعود الى كلمة اسرائيل فهى (أيرتس) وارض اسرائيل الكاملة كما يسمونها ويريدونها لتصبح (أيرتس يسرائيل شليناه)
وعلى هذا النحو تعاد وتتردد فى هذا الاطار العديد من المفاهيم والمصطلحات التى تزخر بها وسائل الاعلام الصهيونية ومراكزها البحثية فى الاحداث اليومية حتى اننا نسمع لفظة »المظلات« اليهودى على انه (سوسسكوت) الذى تعلن السلطات اليهودية عنه بما يحول الواقع الامبريالى المستوطن الى حالة دينية يهودية.. وهو امر يخلو من التفسير العلمى او حتى التعريف المعاصر فى التعرف على الاسماء واطلاق رموزها ملتبسة عليها..
وفى هذا الاطار يمكن التعرف على رد الفعل الصهيونى داخل الارض الفلسطينية خاصة وفى القدس على وجه اخص من رموز دالة من التاريخ، ونحن نعرف ان الاقصى يشهد يوميا حركات عنيفة مستمرة لتدمير القدس العربية حيث تتناثر فى وسائل الاعلام الصهيونية والغربية خاصة مثل هذه الصيحات من وجهة نظر مغايرة للواقع يعبر عنها هذه الحركة الدؤوبة لمتعصبين معادين لتدمير الاقصى بحجة «بناء الهيكل» متمسحين بالتاريخ او الفلكلور الصهيونى الذى ينتشر للنيل من قيمة القدس عربيا وعالميا، والمعروف علميا انه لا علاقة بين يهود اليوم ويهود التاريخ بأي حال.
الاعتداء على غزة وابادتها اطلق عليه اسم «عامود السحاب» ونحن نعرف ان هذا المصطلح توراتى يعبر عن العامود الذى سار امام بنى اسرائيل اثناء خروجهم من مصر منذ الاف السنين والسير الى المعبد الصهيونى يتخذ افعالا دالة تتمثل فى الموقف الذى دفع الحاخامات اليهود إلى رفض استعمال الهاتف المحمول بايعاز تاريخى فلو ان ذلك حدث فهو يمثل خرقا للتشريع اليهودي، وهو ما يعكس موقفا غريبا لا يخلو من معني، وفى هذا الاطار نفهم معنى ان يدعو الحاخام الاكبر الى عدم استعمال الهاتف النقال او ارسال الرسائل يوم السبت.. الى غير ذلك.
الاكثر ايلاما من ذلك كله ان العرب على الجانب الاخر مازالوا يجهلون الفعل الصهيونى بحاخاماته وادعاءاته، حتى اننا نعثر فى كثير من وسائل الاتصال العربية وفى المناهج الدراسية اما الجهل بما يحدث هناك او التجاهل لمن يحاول (تهويد) القضية الفلسطينية. وعلى سبيل المثال فإن المناهج الدراسية العربية لا تتنبه لهذا الخطر حتى اننا فى المراحل التعليمية وخاصة فى الابتدائية منها ندهش امام من يوصف نقض يهود عهد الرسول صلى الله عليه وسلم «بالخيانة العظمى» وكأن يهود المدينة ويثرب هم يهود اليوم، مع انه لا علاقة تاريخية او انثربولوجية قط بين يهود التاريخ ويهود اليوم.