من أشهر أبيات شعر الإمام الشافعى التى يرددها الكثيرون وربما لا يعلمون أنه صاحبها هو قوله:
ضاقت، فلما استحكمت حلقاتها
فُرجت، وكنت أظنها لا تفرج
وهو البيت الذى يسبقه قوله:
ولرب نـازلة يضــيق بها الفـتى
وعـنـد اللـه منها المخـــرج
نثق دائما فى أن فرج الله كبير، ونلوذ بالمعانى الطيبة التى تروح على النفس وتبعث بالأمل، ومنها قول الإمام الشافعى - رحمه الله :
دعِ الأيامَ تفعلُ مـا تشـــاءُ/ وطِبْ نفساً إذا حكم القضاءُ
ولا تجزع لحــادثة الليالى/ فما لحوادث الدنيا بقــاءُ
أما فى حالة الضيق أو تغلب الأشرار، فإن النصيحة الرائعة للإمام الشافعى هى:
ولا تُرِ للأعــداء قــطُّ ذلاً/فإن شماتة الأعــداء بـلاءُ
وضد الذل قال أيضا:
إن الملوك بـلاء حيثما حـلـوا/ فلا يكن لك فى أبوابهم ظــل
ماذا تؤمل من قوم إذا غضبـوا/ جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا
فاستعن بالله عن أبوابهم كرمـا/ إن الوقوف على أبوابهــم ذل
إنما من أين يأتى الاطمئنان للموجوع، الإجابة فى قول أو حكمة الشافعى:
ولا حزنٌ يدوم ولا ســرورٌ، ولا بؤسٌ عليك ولا رخـاءُ
لذلك فحين تم توجيه سؤال للإمام الشافعى حول أى الأحوال أحب إلى الله: العطاء أم البلاء؟
فكان رده: ما جاء العطاء إلا بعد البلاء، فاصبر على البلاء تُبشر بالعطاء.
أما فى التعامل مع الناس فهناك نصائح رائعة للإمام الشافعى، منها قوله:
إذا شئتَ أن تحيا سليماً من الأذى/ ودينك موفورٌ وعرضك صينُ
لسانُك لا تذكرْ به عورةَ امرئٍ/ فكلُّك عوراتٌ وللناس ألسنُ
وعينُك إن أبدت إليك مَعايباً/ فصُنْها وقلْ يا عينُ للناس أعينُ
أما أحد أجمل كلمات الإمام الشافعى حول العلاقة مع الآخرين فقوله:
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا/ فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
ففى الناس أبدال وفى الترك راحة/ وفى القلب صبر للحبيب وإن جفا
فما كل من تهواه يهواك قلبه/ ولا كل من صافيته لك قد صفا
ومع مزيد من الكرامة فى العلاقات الإنسانية يقول:
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة/ فلا خير فى ود يجىء تكلفا
ولا خير فى خل يخون خليله/ ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشا قد تقادم عهده/ ويظهر سرا كان بالأمس قد خفا
ولأن الإمام الشافعى قد رصد المآخذ السابقة وغيرها كثير، فقد قال:
نعيب زماننا والعيب فينا/ وما لزماننا عيب سوانا
ونهجوا ذا الزمان بغير ذنب/ ولو نطق الزمان لنا هجانا
إذن فبماذا نواجه السفهاء الذين يسيئون للزمان وللإنسان، ويملئون الدنيا ضجيجا، ويتصدرون الكثير من الأماكن؟ الحل الحكيم عند الإمام الشافعى هو فى هذا القول الشهير الذى نختتم به المقال مثلما بدأناه بقول آخر شهير ربما أيضا لا يعرف البعض أنه قائله وهو:
إذا نطق السفيه فلا تجبه/ فخير من إجابته السكوت
فإن كلمته فرّجت عنه/ وإن خليته، كمدا يموت. •