المنظرة داء. وقانا الله وإياكم شره. لكن الممتلئين. فكراً وثقافة وعلماً. والذين عاشوا طفولة طبيعية وسعيدة. لا يصابون به. ولا يشاركون في أي استعراضات.
يمكنك لو مزنوق قوي. أن تستعرض علي أهل بيتك. أو زبائن دكانك. هذه حريتك. وانت ونصيبك. قد ترضي الأسرة الكريمة وتفرح بك. وقد لا ترضي وتغير كالون الشقة. وقد يرضي الزبائن ويقبلون عليك مهللين شاكرين. وقد لا يرضون ويتركونك تغني ظلموه.
في العمل العام. عليك إذا كنت مصاباً بالداء. أن تعالج نفسك. يمكنك مثلاً أن تردد قبل الخروج من المنزل كل صباح "اوعي تتمنظر.. اوعي تتمنظر.. اوعي تتمنظر" رددها مائة مرة علي الأقل. فإذا فشلت وغلبك الطبع. ففي مقاهي المعاشات والأندية الاجتماعية متسع لحضرتك وحضرات السادة المتمنظرين.
قبل أيام أحدث البعض تلفيات في قطار السويس. فقرر وزير النقل د.جيوشي وقف القطار عن العمل معاقباً جميع من يعتمدون عليه من موظفين وعمال بسطاء وطلاب ومجندين. وكأن حماية القطار وتأمينه مسئولية هؤلاء وليس مسئولية الشرطة. تصرف لا يليق بوزير في حكومة "مصر مهد الحضارة وبحر الكرم". عقاب جماعي كالذي كنا نناله من مدرس. لم يكن سعيداً في طفولته. يدخل الفصل فيجد طالبين أو ثلاثة يحدثون ضجيجاً فيقرر تذنيب الفصل كله.
لو كان القطار تبع شركة أبو رجيلة. وكان د.جيوشي أحد ورثة الرجل. لقلنا قطاره وهو حر فيه. لكن معلوماتي أنه قطار مصر. ومعلوماتي كذلك أن الرجل لم يرث مصر حتي الآن ليتعامل مع قطارها وناسها بهذا القدر المرعب من المنظرة وسوء التفكير والتقدير.. لاحظ أنه سيستم كل المسئولين.. من يتولي وزارة أو إدارة يعتبرها إرثاً شخصياً لسعادته. ولا أحد في "مصر الآن" يحاسب أحداً.
الثلاثاء الماضي كانت لديّ مهمة صحفية في المنيا الساعة الخامسة عصراً. حجزت في قطار 982 الذي ينطلق من محطة مصر في الثانية عشرة ظهراً. متوقعاً الوصول في الثالثة أو الرابعة عصراً علي أقصي تقدير. لكني وصلت في السادسة والنصف مساء. وكاد الركاب يفتكون بالسائق في محطة المنيا لولا أن شرطة المحطة حالت دون ذلك.. اتضح أن السائق ينفذ إضراباً تم الاتفاق عليه بتبطيء السرعة لأن جيوشي رفض صرف منحة المولد النبوي للعاملين بالسكة الحديد.
في القطار ولأنه كان يسير بسرعة السلحفاء. توقف المحصلون عن المرور بعد الجيزة مباشرة. وصلهم نبأ ثورة الركاب فآثروا الاختفاء. احسبها حضرتك كم خسرت الهيئة في ذلك اليوم نتيجة تبطيء السرعة المتعمد. وعدم تحصيل رسوم الركوب من آلاف المواطنين. أكيد ستكون الحصيلة أضعاف أضعاف المنحة التي تم صرفها في اليوم التالي مباشرة فانتظمت الحركة نسبياً وعدت من المنيا في قطار 991 في أربع ساعات فقط.
طبعاً ما فعله السائقون "لوي دراع" ولا يصح أن يحدث في مرفق حيوي ومهم مثل السكة الحديد. لكن قل لي متي حصل أحد علي حقه في "مصر الآن" دون لوي الدراع.. لو كان الوزير تفاهم وابتعد عن المنظرة واستعراض العضلات. لو كان تصرف كموظف عام. وليس كصاحب عزبة. ما حدث ما حدث. فمن يحاسب جيوشي علي منظرته التي أضرت بمصالح البلاد والعباد. أو علي الأقل يعني. يطلب منه القيام بإجازة يسترد خلالها صحته النفسية ويعيد التفكير في "كتاب حياته يا عين"؟!!!!