المساء
خيرية البشلاوى
رنات الأطفال أفضل إنجاز 2015
من في تصوركم سوف يتذكر دائماً عام 2015؟!
سؤال خطر علي البال وأنا أشرع في كتابة هذه "الرنات" في أول أيام 2016 "أمس الجمعة".
فكرت أولاً في الأمهات الثكلي اللاتي فقدن فلذات قلوبهن هذا العام.. أعني الشهداء الذين دفعوا أرواحهم للزود عن تراب الوطن.. فالأم مستحيل أن تنسي يوم استشهاد ابنها حتي وهي علي يقين بأنه ضمن الأحياء "عند ربهم يرزقون" ستمضي الأيام والسنون بعد رحيله وهي تدعو أن تجمعها به جنة الخلد.
كم أم مصرية فقدت ابنا لها عام 2015؟! ان عدد الشهداء من أبناء الجيش والشرطة بالمئات فهذه ضريبة الفداء يدفعونها بأرواحهم ومصر طوال تاريخها وهي تدفع هذه الضريبة ويعيش شعبها ذلك الحزن النبيل.
فكرت وأنا أتابع أحداث 2015 بعيداً عن الهموم الذاتية وعن هموم أحزان عامة وتوقفت أمام صورة أجيال صغيرة ظلت الأقرب إلي قلبي.
صورة أعود إليها مرارا لأنها تحمل قدرا كبيرا من المرح والحبور والتفاؤل والشعور بالانتماء جميل.. أشير إلي مجموعة الأطفال الذين كانوا ضمن كورال أغنية "تحيا مصر" في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة يوم 6 أغسطس ..2015 وفي اعتقادي ان هؤلاء الصغار سوف يذكرون في مستقبل الأيام تلك الساعات المتوهجة في حياتهم سيعيدون ذكري ذلك اليوم بفيض من الإعزاز والافتخار والحنين وهم يروون لأبنائهم كيف شدوا نشيد "تحيا مصر" أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي وجموع الرؤساء من دول العالم وهم وقوف في حضن القناة الجديدة وفوق مياهها الملونة تشاهدهم الأمهات والآباء ممن حضروا الاحتفال وملايين المصريين في البيوت.
انهم "البراعم" الذين مثلوا المرحلة الجديدة في تاريخ تطور مصر الحديثة. مصر ما بعد ثورة 30 يونية و3 يوليه وما بعد انقشاع الغمة وأيام الكرب الشديد.
أطفال بملامح مستبشرة. مشرقة بوجوه مصرية وروح بريئة خالصة موهوبون يصنعون بهذه الروح مصر جديدة.
لم أجد أفضل من هذا التابلوه الغنائي لمجموعة الأطفال الذين ارتدوا الملابس البحرية ورفعوا الاعلام في تنغيم صوتي بصري آسر ووسط فيض من الانفعالات.
بلادي.. بلادي نشيد بقوله كل يوم وأنادي
باسمك انتي والعلم قصادي
يا عمري كله. يا شهادة ميلادي
فداكي حياتي. يا حب عايشه من جيل من بعد جيل
ملحمة بصرية اسهم في حشد عناصر الجمال فيها الموقع الجغرافي الفريد والانجاز البشري المحصن بروح الوطنية والهمة والعلم الحديث وبالطبع كلمات الشاعر الغنائي تامر حسين ولحن عمرو مصطفي وتوزيع أحمد الموجي فضلا عن الإعداد الجديد والقيمة الانتاجية العالية والتصوير المدهش الذي وفر للمشاهدين متعة من الجمال حملتها تشكيلات فاتنة ولافتة من جميع الزوايا.. فقد كان العالم كله في حضرة هذا المشهد التاريخي الفذ والفيلم الذي أخرجه محمد الهواري تسجيلا لهذه المناسبة وثيقة تحتوي علي تفاصيل المشهد بدلالاته وتشهد بأن المخرج نفسه كان معبئا بكم من التفاعل والتناهي مع دلالات الحدث والمعاني التي حملتها كلمات أغنية الأطفال.
تحيا مصر كلمة قالها كل مصري في انتصاره
تحيا مصر وكل جندي عاش لها ليله ونهاره
حتناديني هتلاقيني تحت أمرك
عمري مش حيسوي حاجة جنب عمرك
تشكيلات طائرات الرافال الفرنسية ترسم في الفضاء لوحة ممهورة بمهارة فرسان السلاح الجوي ونسوره تبث رسائل قوية لمن يهمهم الأمر.
وضم التابلوه النابض الرئيس الفرنسي "أولاند" الذي حضر الاحتفال وشاهد كيف امتطي المصريون"الرافال" أقوي ما انتجته مصانع السلاح في فرنسا.
وبعيدا عن فنون الترفيه الاستهلاكي والأغاني الوطنية التي تصنع علي عجل من دون ذلك الاعداد الجيد وفي غيبة الكفاءات الفنية القادرة علي الارتفاع إلي مستوي المناسبة جاء الاحتفال كاشفا عن مهارات جديدة وأجيال طازجة بحساسية تترجم أنبل المعاني.
قليلة الأغنيات الوطنية التي يرددها الأطفال وتحمل هذا الزخم الشعوري والمعنوي العالي.
وقليلة تلك الانجازات التي يكون الأطفال ومواهبهم الفنية في خدمة المشروعات القومية وفي هذا المجال وبهذه الأغنية "تحيا مصر" إلي جانب ما حققه المايسترو الفلسطيني ـ المصري. اللبناني سليم سحاب وقد تعمدت أن أشير إلي هذه الجنسيات الثلاث لدلالتها القومية العربية واضيف عمله كمايسترو للفرقة القومية للموسيقي العربية فهو أحد الذين اهتموا بتأسيس فرق موسيقية للصغار وهو رائد مشروع كورال مصر للأطفال من أصحاب المواهب الذين لم يكن لهم مأوي وبذل مجهودا كبيرا لإعادة تأهيلهم وتوظيف ملكاتهم الفنية بعد تدريبها وإعدادها للمشاركة في حفلات ومناسبات وطنية مثل حفل افتتاح قناة السويس الجديدة التي أشعلت حماس المصريين وأخرجت للنور أجيالاً جديدة من الفنانين الذين شبوا علي الايمان بقدسية العمل القومي الجماعي ومفعوله السحري في بث قيم الانتماء الوطني والتضحية من أجل الجموع وكانت القناة الجديدة ممرا فنيا لموجات من الحب والإنجاز الوطني.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف