بينما يستقبل العالم العام الجديد 2016، الحت علي خاطري قصيدة المتنبي الرائعة عيد بأية حال عدت ياعيد، ووجدتني ارددها قائلا بيني وبين نفسي مخاطبا العام الجديد، عام بأية حال جئت ياعام ، كسابقك ومافيه من آلام، ام بجديد يرسم علي محيانا الابتسام. فالعام المنتهي لم يكن علي المستوي المأمول، لم تتحقق فيه الاحلام وتنتقل من افكار تداعب الخيال او تسكن النفس والعقل الي واقع ملموس ، يختصر الزمن ويعوض مافات نعم كان في العام المنتهي اضاءات ايجابية لاينكرها الا جاحد او حاقد.
شهدنا وفاء القوات المسحلة ممثلة في هيئتها الهندسية بما كلفت به من الرئيس عبد الفتاح السيسي في مشروع قناة السويس الجديدة، التي كانت بمفردها طاقة ايجابية أكدت أن الشعب المصري ان اراد ان يفعل سيفعل، لكن وجود (إن) قبل (اراد) في اي جملة تعني اننا لانزال بعيدين عن سلاح الارادة بتكاسلنا، رغم ادراكنا التام كل في موقعه لحاجتنا الماسة والعاجلة لهذه الارادة لتنقلنا من حالنا الذي نشكو منه الي الحال الذي نريد
ونظرة عابرة علي احوال العام 2015، سنجد ان مؤسسة وحيدة هي التي تنجز ما تكلف به لانها ببساطة تتخذ من الانضباط شعارا يغلف كل ما يرتبط بها، انضباط في العمل والتنفيذ والوقت والمظهر وحتي في التعامل مع الآخرين ، فالانضباط هو السمة الاساسية للمؤسسة العسكرية ومن ثم فالنجاح والانجاز حليفها في كل اعمالها، ويكفي انها تحارب علي عدة جبهات في آن واحد دون تبرم او ملل، فهي تحارب الارهاب في سيناء، وتبني المدن الجديدة في رفح والاسماعيلية، وتمهد الطرق في كل ربوع الوطن، وتنفذ المشروعات القومية التي اطلقها الرئيس، الي جانب سعيها لدعم المواطن البسيط ومحاربة الغلاء من خلال المجمعات الاستهلاكية المتنقلة.
كل هذا دون ان تملأ الدنيا صراخا انها تعمل، ودون ان تنتظر شكرا من احد، لان عقيدتها الراسخة هي خدمة الوطن، ومن هنا استحقت القوات المسلحة المصرية لقب المؤسسة الاولي في مصر من حيث الانضباط والانجاز، واستحقت ان تكون النموذج الامثل الذي يجب القياس عليه ان ارادت المؤسسات الاخري القيام بدورها في نهضة الوطن وانطلاقته نحو المكانة اللائقة به علي خارطة العالم .
ويمكن الاشارة الي ان جهودا بذلت من جانب بعض الوزارات الخدمية وشعر بها المواطنون مثل وزارة التموين والتجارة الداخلية تستحق ان تذكر فتشكر، فقد وفرت السلع وحاربت الغلاء، علي عكس بعض الوزارات الخدمية التي حاولت التطوير وقبل ان تكمله رفعت اسعار الخدمة، منها وزارة النقل فهل يعقل ان يكون ثمن تذكرة قطار النوم الي اسوان ستمائة جنيه، وهناك الطيران الداخلي الذي يستحق التوقف امامه كثيرا فمن عجب ان الدولة تطالب مواطنيها بدعم السياحة، ولا تجذبهم اليها، واول وسائل الجذب تقديم اسعار تناسب دخل المواطنين، فمن غير المعقول ان يكون السفر الي جدة لاداء العمرة اقل كلفة من السفر الي الاقصر واسوان والغردقة وشرم الشيخ، كما ان شركات طيران عالمية تملأ الصحف المصرية يوميا باعلانات عن رحلات الي اسطنبول وانقرة وبيروت ودبي وجدة والرياض وحتي الي اليونان و قبرص بأسعار تقل او توازي سعر السفر الداخلي ، وبعد ذلك يتساءلون : لماذا تراجعت السياحة الداخلية ؟ بل ان البعض يتساءل لماذا كلفة السائح الاجنبي الي مصر هي الاقل من حيث التكلفة عالميا ، ومع ذلك نلطم الخدود ونشق الجيوب اذا غاب هذا السائح مع اننا نستطيع ان نجذب الاشقاء العرب الي بلدنا وهي الاقرب جغرافيا وعاطفيا اليهم، وهم يملكون القدرة علي الانفاق دون حدود كما يفعل الاجنبي، وبعيدا عن الاقتصاد اري ان البنية التحتية الرياضية المصرية في العام 2015 مثلت طفرة نقلت الرياضة المصرية الي مستوي اعلي مما كانت عليه وباتت تملك القدرة علي المنافسة عالميا ويكفيها مركز شباب الجزيرة الذي بات قبلة للرياضيين وكذلك ضيوف مصر ، والمركز الاوليمبي مصنع الابطال الذي طالته يد التجديد والتطوير فبات عنصر جذب للرياضيين بعد ان كان منفرا وطاردا بالاضافة لنحو الف من مراكز الشباب في القري والمدن وهناك بلا شك جهود بذلت في قطاعات اخري لم يكتب لها النجاح الكامل ، لكننا نتمني ان تتواصل من اجل تحقيق الاهداف خصوصا في ضبط الشارع وتطبيق قانون المرور بصرامة لنساير العالم وتصبح رحلة التنقل بالسيارة متعة بدلا من الجحيم الذي نعيشه يوميا ، والي جانب المرور القضاء علي ظاهرة القمامة التي تفشت في كل شوارع مصر وتحتاج لثورة في المحليات والسلوك البشري علي السواء .
اما سلبية السلبيات في العام المنتهي فتمثلت من وجهة نظري المتواضعة في بطء الاجراءات لدي الحكومة في عديد القضايا التي كانت تتطلب تدخلا عاجلا او قرارات سريعة لا تقبل التأجيل في قطاعات الاستثمار والاعلام والاسكان والصناعة والصحة والتعليم وغيرها من القطاعات الحيوية من أجل دفع عجلة العمل بأقصي سرعة لضمان اللحاق بركب التطور وجذب المستثمرين وتقنين الاعلام وكذلك محاربة الفساد ، فلايعقل ان يكون التأخير بسبب الحكومة .
هذا مانتمناه في العام الجديد الذي نبتهل الي الله ان يكون عام خير وعز وسؤدد وامن وامان علي مصر والمصريين والامة العربية والانسانية جمعاء .