د. حماد عبد الله حماد
حديث فى تطوير الخطاب الدينى
أتحدث اليوم عن بابا الفاتيكان بمناسبة الأعياد المسيحية فى مصرنا، وفى العالم، ولكن «بابا الفاتيكان» هو زعيم الكاثوليك فى العالم، والماثل الآن على عرش الكاثوليكية هو «البابا فرانسيسكو» أرجنتينى الأصل، يتحدث تقريباً كل لغات العالم، رجل طيب، انحاز لفقراء العالم، ويحاول جاهداً أن يكون مفتاح السلام بين الأديان الثلاثة «اليهودية، والإسلامية، والمسيحية» التى يترأس غالبيتهم فى العالم. والشعب الإيطالى العظيم الذى استضاف البابا وفاتيكانه على قطعة أرض مستقطعة من العاصمة التاريخية «روما» وأعطى اسمها لها «الفاتيكان» كدولة مستقلة لها علمها ونشيدها، وسفراؤها، وبها منار للبعثات الدبلوماسية من كل أنحاء العالم. وقد توصل الشعب الإيطالى إلى هذا الشكل وهذا الكيان «البابوى» حتى يتخلص من تدخل (الكنيسة) فى حياة الأمة الإيطالية (سياسياً واجتماعياً). استطاع الشعب الإيطالى عبر عصور طويلة منذ (عصر النهضة) أن يحدد دور «البابا» وكنائسه وسلطاته داخل الكنائس وليس خارجها! والشعب الإيطالى هو أكثر شعوب الأرض خاصة (الكاثوليكيين) سخرية من البابا، على مر العصور، وجاءت تلك السخرية على شكل أفلام سينمائية أهمها فيلم «دى كاميرون» الذى هو حياة البابا وكهنوته بمنتهى السخرية، وقام بتعرية كل ما يحدث خلف الجدران العالية التى تفصل بين مدينة «روما العريقة» ومدينة «الفاتيكان» «فوق ربوة» (مونتا نادى بيثرو) أو جبل القديس بطرس! ولعل ما جاء بالفيلم الشهير «Good father» الأب الروحى والتى دارت أحداث المافيا فيه بين جزيرة صقلية جنوب إيطاليا، حيث كنت فى زيارة أخيرة للمعهد الجنائى الدولى هناك تحت عمادة المصرى العالمى د. شريف بسيونى، بمصاحبة القانونى الدولى الكبير د. فتحى سرور. وفى هذه المنطقة فى قرية (دى كورليونى) وشيكاجو فى الولايات المتحدة، نيويورك، دارت أحداث هذا الفيلم الذى نال سبع جوائز أوسكار وعظم الأدوار منه مارلون براندو العظيم، الباتشينو وروبرت دى نيرو هؤلاء العظماء من هوليود، استطاعوا أن يصدروا جزءا عظيما من السيناريو للرشاوى والفساد والاغتيالات فى الحرم البابوى فى الفاتيكان! ولعلى أيضاً أتذكر وأنا أدرس فى روما بأكبر أكاديمياتها للفنون الجميلة والعمارة فى أوائل السبعينيات من القرن الماضى كانت تدريباتنا التطبيقية فى أروقة الفاتيكان بين ما خلفه عظماء عصر النهضة من فنون النحت والعمارة والرسم أمثال مايكل أنجلو، رفائيل، وليوناردو دافنشى وغيرهم. كان الشعب الإيطالى متيما بالبابا «جيوفانى» وهو من أصل إيطالى حيث كان الرجل ينتمى للحضارة الرومانية العريقة، ويحمل ثقافتها ويؤمن بأن الثقافة الدينية متراكمة من اليهودية إلى القبطية إلى الإسلامية، مارة بترجمات من الحضارات العالمية من فرعونية وإغريقية، إلى رومانية إلى عصر النهضة فى القرن الخامس عشر، وكان الاساتذة المسلمون هم ابن رشد وابن سينا من حاملى مشاعل النور إلى أوروبا المظلمة. هكذا كانت محاضرات البابا «جيوفانى» الذى أسعدنى حظى أن أحضر إحداها فى الأكاديمية الإيطالية فى «روما» والذى ربط العالم كله سلاسل من نور، وأعطى الحرية للعقد الدائم فى الحياة الكاثوليكية (عقد الزواج) وجعله عقدا قابلا للانتهاء برغبة الزوجين، بشروط ميسرة وبسيطة، فأحبه الكاثوليك الإيطاليين وأعتقد كل كاثوليك العالم. وكان كذلك البابا البولندى الاصل يوحنا بولس. ولعل مجىء بابا من المانيا (نازى الأصل والنشأة) وهو (البابا بينديكت) فهو شىء آخر، شىء من الجهل الأسود المواكب لسبتمبر الأسود وآثاره على العالم وتزعم اليمينيين الأمريكيين الكاثوليك لدفة الأمور فى العالم بزعامة جورج دبليو بوش (الابن) فأصبح العالم فى هذا الوقت يعج بالبابا الجاهل، والرئيس الصليبى الفاشل، ورئيس وزراء بريطانيا التابع، وكانت حقبة من التاريخ تدهورت فيها سبل السلام، وظهرت توابع القاعدة والجهاديون ثم الدواعش كرد فعل وانعكاس لسياسات دولية خاطئة، وجسمت على صدر الشعوب هذه القمة التى ندعو الله فى بداية عام 2016، وهناك بابا مثل (فرانشيسكو) يدعو للسلام بين الناس وإسلامنا الحنيف الذى يجب تحريره من مختطفيه! -