محمد جبريل
ع البحري -الفتوة يحمي البيت!
من حكايات الطفولة في بحري. أن الفتوة يقتحم حياة الناس. لا يترك مكانه في ساحة البيت- بيوت زمان!- أو يخصص له ولاعوانه حجرة تطل علي الطريق. يدعي أنه يحمي أهل البيت من خطر الاعداء. والتصديق هو ما يجب ان يعتصموا به. إلي جانب دفع الاتاوة التي يشترطها الفتوة في مواعيد متقاربة.
إذا أنجبت الاسرة مولوداً جديداً. أو أقدم أحد الابناء علي الزواج. فإن الاسرة تبتلع رجاءها بأن يخلي الفتوة ما استولي عليه. نظراته الصارمة. وتطوح الشومة في يده. ونطق الصمت المتوعد. يشي بالتهديد. وضرورة قبول الحياة بما فرضته إرادة الفتوة.
استعيد هذه الحكايات القديمة. وأنا أتابع تصرفات الرئيس التركي أردوجان في الاقطار العربية المجاورة لبلاده. جعل من الاجواء السورية فضاء لمقاتلاته. يضرب بها مقاتلي حزب العمال الكردستاني. وتعبر قواته الحدود لمطاردة فصائل النظام السوري. لا التزام. ولاقواعد دبلوماسية. القوة تبيح فعل كل شئ. حتي لوخالف القوانين الدولية.
في ضوء تلك النظرة المتعسفة دخلت القوات التركية مساحات من أراضي العراق. بزعم حمايتها من إرهابيي داعش. رد أردوجان ورئيس وزرائه علي مطالبات القيادات السياسية العراقية بالانسحاب من الاراضي التي احتلتها قوات الاتراك. بأن وجود تلك القوات تلبية لاتفاق بين كل من رئيس الوزراء العراقي ورئيس الوزراء التركي.
أنكر العبادي وجود ذلك الاتفاق. ووصف التدخل التركي بأنه عدوان يجب انهاؤه. بدلاً من امتثال الرئيس التركي لإرادة شعب العراق. فإنه أصر علي بقاء قواته بالزعم نفسه. وهو حماية الاراضي العراقية من الارهاب!
نزلت المظاهرات الحاشدة شوارع بغداد والمدن العراقية الاخري. تطالب بخروج قوات الاحتلال التركية. وتتوعد بمقاومتها لكن قيادة العدالة والتنمية ظلت علي تعسفها الرافض للانسحاب استناداً إلي عضويتها لحلف الناتو. أو لانها أخوف- ربما- علي البيت العراقي من أصحابه.
استعيد حكاية فتوة بحري القديم. رغم قسوته فإن إبلاغ قسم الشرطة كان يكفل إخراج الفتوة من الموضع الذي احتله داخل البيت.
مجلس الامن هو شرطة زماننا في العلاقات الدولية. إلي جانب المنظمات الدولية الاخري. مثل محكمة العدل الدولية. ومحكمة الجنايات الدولية. والانتربول. وغيرها.
لكن شرطي هذا الزمان محكوم باعتبارات تمليها مصالح الدول الكبري. والشركات المتعددة الجنسيات. وأجهزة المخابرات.. حتي لو كان تحقيقها علي حساب حرية الشعوب!