المساء
مؤمن الهباء
شهادة- حاسة الشعب
احتار المصريون في التوصيف السياسي للتكتلات البرلمانية في مجلس النواب فيما عدا التكتل الأكبر الذي يعرف بـ "دعم الدولة" ثم صار يعرف بـ "دعم مصر".. وحتي هذا التكتل العظيم ـ 400 عضو ـ لا نعرف من هويته إلا أنه سيكون حزب الموافقة الدائمة علي طول الخط.. ولكن هذا لا يعني أبداً أن الآخرين سيكونون معارضة.. الحقيقة أننا لا نعرف.
البعض يتحدث عن تكتل يسميه "مجموعة أحمد عز" أمين تنظيم الحزب الوطني السابق وتضم 35 نائباً.. وطبقاً لما ذكرته "الجمهورية" السبت الماضي فإن أداء هذه المجموعة سيكون مفاجأة للجميع ومحط أنظار أغلبية الشعب باعتبارهم من رجال نظام مبارك الذي ثار ضده المصريون في ثورة 25 يناير.
وهناك كتلة يناير التي تضم 30 نائباً أيضاً.. ومن المتوقع أن يشهد البرلمان صداماً كبيراً بين الكتلتين بسبب اختلاف الرؤي.. والعهدة هنا علي التقارير الصحفية لا أكثر.. مع أن الواقع لا يؤيد هذه النبوءة.. فأنت تستطيع أن تميز كتلة أحمد عز بسهولة لكنك لا تستطيع أن تري كتلة يناير أو تسمع لها صوتاً.
وقالت مصادر مطلعة لـ "الجمهورية" أن حزب الوفد برئاسة د.السيد البدوي "سيلعب دور المعارضة في البرلمان بالاتفاق مع إحدي الجهات تمهيداً لدور كبير للحزب العريق في المستقبل القريب بعدما أثبتت التجربة أن الوفد من أرسخ الأحزاب في الحياة السياسية.. وأن تقريراً تم رفعه للقيادة السياسية يفيد أن الوفد يمكن الاعتماد عليه مستقبلاً فقط يحتاج إلي مجموعة إصلاحات داخلية".
والحقيقة أن كلام هذه المصادر المطلعة لم يريحني ولم يطمئنني علي طبيعة الدور المعارض الذي سيلعبه الوفد.. فكيف يكون الحزب ـ أي حزب ـ معارضاً بالاتفاق "مع إحدي الجهات"؟!.. وكيف يرضي الحزب ـ أي حزب ـ أن يقال عنه "يمكن الاعتماد عليه مستقبلاً"؟!.
الذي أعرفه وتعرفه النظم الديمقراطية في العالم أن الدور السياسي لأي حزب لا يطلب.. ولا تحدده له أي جهة.. وإلا كان الحزب هشاً والدور مصطنعاً.. الحزب نفسه هو الذي ينتزع هذا الدور ويفرضه بالمبادئ والتوجهات التي يضعها ويرسمها.. وبالممارسة الواعية القوية الواثقة.. الملتزمة بالقانون والدستور.
والحزب ـ أي حزب ـ هو الذي يعطي لدوره اللون والطعم اللذين يميزانه عن غيره من الأحزاب.. حتي يقبل عليه رجل الشارع ويقتنع به.. وتترسخ شرعيته بين الجماهير.. ويعرف سياسياً وشعبياً وتاريخياً بهذا الدور الخاص جداً.
وفي سنوات سابقة كانت الأحزاب تتحدث كثيراً عن النضال السياسي.. والنضال من أجل المبادئ.. وهذا النضال هو الذي رفع أحزاباً وخفض آخرين.. ومثلما كانت هناك أحزاب قوية مناضلة.. صاحبة مبادئ وصاحبة دور كانت هناك أحزاب كثيرة مصنوعة ومدجنة.. وكل حزب يختار الدور الذي يناسبه.
وما يقال عن الأحزاب يقال عن البرلمانات.. فهي التي تحدد دورها.. وهي التي تثبت شرعيتها لدي الجمهور إذا اقتنع بصدقها في التعبير عن إرادته.. والبرلمان المصنوع لا يصمد كثيراً لأنه بالضرورة سيكون هشاً وسيكون أداؤه أقرب إلي التمثيل السينمائي.. أما البرلمان القوي.. الذي يعرف دوره جيداً فهو الذي يفرض احترامه ويفرض شرعيته واستمراره.
ولابد أن يتأكد الجميع قبل أن يبدأ البرلمان عمله أن حاسة الشعب قوية.. وبوصلته صحيحة.. ولن يستغرق وقتاً طويلاً في تمييز الغث من السمين.. فلينظر كل نائب وكل حزب وكل تكتل إلي الدور الذي يريد هو أن يلعبه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف