الوطن
نشوى الحوفى
2016.. هل يشهد نهاية حرب الوكالة؟
قلتها فى أول أيام 2016، إنه عام غير مُبشر بنتائج مرضية لكل الأطراف العربية فى منطقتنا؛ فمقدمات العام الجديد التى تركها لنا عام 2015 فاسدة ومليئة بالأخطاء، فمن أين تأتى النتائج الصحيحة إذن؟ وهكذا بدأ العام يا سادة بأحداث غير مبشرة بقطع العلاقات الخليجية الإيرانية -ما عدا قطر بالطبع- ليطرح السؤال ذاته: «وماذا بعد الهجوم على السفارة والقنصلية السعودية فى إيران؟ وماذا بعد طرد البعثة الدبلوماسية الإيرانية من المملكة السعودية؟»، بمعنى آخر: هل سيشهد عام 2016 انتهاء حرب الوكالة الدائرة بين السعودية وإيران منذ سنوات لتتحول لمواجهة صريحة تقود المنطقة لتنفيذ ما سبق التخطيط له وإقراره عام 1983 من قبل الإدارة الأمريكية بإعادة تقسيم المنطقة على أساس طائفى؟

هناك من يرى أن حرب الوكالة بين الدولتين فى سوريا والعراق ولبنان واليمن مستمرة فى العام الجديد وأن المواجهة المباشرة لن تكون فى هذا العام. ليستمر الصراع السياسى الخفى عبر وكلاء الطرفين فى بؤر الصراع المعروفة مع الدفع بمزيد من المواجهات عبر الكيانات الشيعية الموجودة فى دول الخليج بما فيها السعودية. وهو ما يعنى استمرار حالة التسلح العسكرى لإثبات القوة فى اليمن الذى بات واضحاً تدهور أوضاعه الاقتصادية والإغاثية بين المدنيين جراء استمرار حرب لا يبدو لها نهاية فى عامنا هذا، والعراق الذى سيتحول فيه الصراع إلى طائفى بحت بين جميع ميليشيات السلاح سواء كانت شيعية ممولة من إيران أو سنية ممولة من السعودية! وسوريا التى تتأزم فيها الأوضاع يوماً بعد يوم بين دعم خليجى لمعارضة مسلحة تتنوع ملامحها بين التطرف والمقاومة، وبين نظام تدعمه إيران لمصالحها لا لصالح سوريا ذاتها وتراهن على بقائه من أجل مشروعها. وبين لبنان المتنازع عليه طائفياً بين أهله، وندعو الله أن يحفظه من خطر اندلاع مواجهات مسلحة. نعم يا سادة نحن قوى عسكرية فى بلادنا العربية تشترى السلاح بوفرة لنتقاتل فيما بيننا لا لنقاتل عدونا، والنتيجة كما ترون: بلدان مدمرة شُوهت ملامحها، وشعوب تئن من ألم اللجوء والحاجة والإرهاب والفقر. بينما خزائن الغرب تمتلئ بأموالنا ومخابراتهم تحتفل بنجاح خططهم لنا حسبما أرادوا!

أضف إلى هذا الصراع عوامل اقتصادية ستزيد من مأساة عالمنا الذى كان يسمى عربياً. فانهيار أسعار البترول فى العام 2015 سيتواصل وفقاً للتوقعات الاقتصادية العالمية فى 2016. فالسعودية تصر على ضخ المزيد من الإنتاج رغم تهاوى أسعاره فى العام الماضى لتصل فى نهايته إلى 36 دولاراً للبرميل الواحد. وإيران هى الأخرى ستدخل على ساحة المنافسة إن تم رفع الحظر عن تصديرها للنفط وفقاً لبنود المصالحة مع دول «5+1» فى صيف 2015. وهو ما دفع ببنوك مثل «جولدمان ساكس» و«مورجان ستانلى» إلى توقع -وفقاً لصحيفة ديلى تليجراف البريطانية- هبوط سعر برميل النفط إلى 20 دولاراً فى العام 2016 وهو ما يعنى كارثة اقتصادية لدول الخليج التى تعتمد فى مواردها على تصدير البترول وفى مقدمتها السعودية التى خفضت ميزانية العام الحالى 2016 إلى 514 مليار ريال سعودى بدلاً من 608 مليارات فى العام 2015 وهو ما يعنى عجزاً متوقعاً فى الإنفاق بنحو 326 مليار ريال سعودى.

وهكذا يا سادة تتواصل خطط التقسيم فى المنطقة بمهنية احترافية من قبل من خططوا لها منذ سنوات بعيدة. تتغير ملامح التنفيذ دون تنازل عن الهدف أو الرؤية الموضوعة بينما نقوم نحن بدور المنتج المنفذ ببراعة لم يتوقعها أعداؤنا، ولكن يقينى أن هناك رجالاً فى بلادى يعملون بصمت لحماية أمن قومى، لا مصرى فقط، مهما كانت التكلفة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف