في صباي. تعلمت الرياضة في الشارع. الكشك الزجاجي الصغير خلف زاوية جميعي بالاسكندرية. أغرتني لعبة حمل الأثقال أمامه. بقرش صاغ ترفعها وتشرب الشاي. ولأن غالبية المترددين علي الكشك من ذوي العضلات المفتولة. فقد تمنيت أن أحصل علي جسد قوي يستلفت إعجاب مراهقات بحري.
انتقلت- بعد ذلك- إلي موضع آخر في شارع أبووردة. أمام باب الجمرك. كنت لاعباً مهماً في تنس الطاولة بمدرسة البوصيري الأولية.
حصلنا علي المركز الاول بين المدارس المماثلة في الاسكندرية. ولحرصي أن أقترب في أدائي من مستوي كابتن الفريق عبدالعزيز- نسيت بقية الاسم فقد طالت وقفاتي أمام طاولة شارع أبوردة. لا أترك المضرب إلا عند شعوري بالتعب.
كادت تلك الايام القديمة تعود إلي حياتنا في الفترة بين السبعينيات والثمانينيات. زادت طاولات تنس الطاولة في نواصي الشوارع والحارات. وعادت الاكشاك الزجاجية علي النواصي. أمامها أثقال الحديد. يرفعها المترددون عليها لقاء أجر يزيد- بالطبع- عن القرش الذي كنا ندفعه علي أيامنا. وتحول خلاء المدن إلي ملاعب لكرة القدم. وشي المستقبل بتوقعات جميلة للرياضة. فتصبح بعداً في حياتنا كما كان الحال قديماً. عندما قدمت أكشاك النواصي والازقة أسماء لامعة في رفع الاثقال والمصارعة وكمال الاجسام. تحتاج أسماؤهم إلي قوائم طويلة.
وجد الامن والمحليات- فيما بعد- أن الاوفق إلغاء تلك الانشطة درءاً للتوقعات السلبية. أهملوا الاصغاء للآراء التي وجدت أنشطة الشوارع سبيلاً لاحياء الوعي الرياضي بين الشباب. وتفعيل طاقاته بعيداً عن تحريضات قوي الارهاب. أخذوها من قصيرة. ووجدوا في الاندية ومراكز الشباب مجالاً مناسباً لاستقبال المواهب الرياضية. تناسوا أن الاندية لاتقبل إلا عضوية المقتدرين. أما مراكز الشباب فإنها ستظل قاصرة عن أداء دورها في تنمية الرياضة بين أبناء الطبقات الشعبية الذين يمثلون غالبية المجتمع المصري. يعانون. بينما يسهل علي المقتدرين دفع ما تشترطه الاندية. أو الافادة من الواسطة في إلحاق أبنائها بمراكز الشباب!
يطالعنا في الحياة الامريكية ما بداخل البيوت من سلال. يتناوب أفراد الاسرة قذف الكرات داخلها. كانت تلك العادة عاملاً مهماً في سيادة كرة السلة الامريكية علي مستوي العالم. من غير المتصور أن تغيب المواهب بين الملايين الذين يفتقدون السلال التي يقذفون فيها كراتهم داخل البيوت. أو اللعب في ساحات المدارس.
أتفاءل بالقادم لو أن المدارس- لاالجامعات وحدها- وخصصت جزءاً من أبنيتها لممارسة الرياضة. ولو ان المتاح من أماكن اللعب يزداد بما يضيف إلي أعداد اللاعبين في الرياضات المختلفة فنفوز بالمراكز الاولي. كما حدث قديماً في السباحة والملاكمة والمصارعة ورفع الاثقال. أو نفوز ببطولة أوروبا- خذ بالك!- في كرة السلة. كما حدث في .1951