الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية- وزير ومشروع قومى لتنمية النوبة
كنت أتمنى أن يكون برنامج تنمية منطقة النوبة القديمة، نابعاً عن قناعة بحق أبناء النوبة فى الحياة بكرامة.. وليس ردة فعل على ما يثار من أفكار وكلمات تدعو الى فصل النوبة عن مصر، كمايردد «هوكى» وغيره.. حتى وان رفض هذه الدعوات أبناء النوبة الحقيقيون وليس الذين تحركهم الأغراض الغربية، والأمريكية بالذات.
ولقد أحسن حزب الوفد بإصدار بيانه «القومى» الهام أمس الذى يرفض فيه أى مخطط للانفصلايين النوبيين ـ وهم قلة بلا شك ـ بل ويرفض ما يدعون هؤلاء عن لغة نوبية مكتوبة.. رغم أنها لغة كلامية، شفهية.. ورغم ذلك فهذه ليست هى القضية.
<< القضية الحقيقية هى أن هناك ظلماً حقيقياً وقع على النوبيين منذ ضحوا، وقدموا قراهم.. بل وقبور أجدادهم، قرباناً لمصلحة الوطن المصرى الواحد، أى منذ أنشأنا خزان أسوان وقمنا بتعليته مرتين.. ثم عندما أنشأنا السد العالى لتغرق قرى النوبة دون أى تعويض حقيقى للأشقاء أبناء النوبة.. أرض الذهب جنوب أسوان.
حتى وان جاءت حرب 67 لتوقف مشروع توطين أبناء النوبة القديمة فى قرى النوبة الجديدة.. إلا أن هناك ظلماً وقع على النوبيين.. وبعد أن استقرت مناسيب مياه بحيرة السد العالى.. كان لابد من إعادة تسكين أبناء النوبة فى المناطق المرتفعة من النوبة القديمة ببناء قرى جديدة.. وتعويضهم بتقديم الأراضى البديلة ليزرعوها ويستعيدوا كرامتهم التى أهدرها أحد محافظى أسوان عندما اشتكى النوبيون فقال لهم.. هل تريدون قرى النوبة.. غوصوا فى عمق مياه البحيرة لتبحثوا عنها!! وهنا ظهرت دعاوى بعض النوبيين عن إقامتهم لدولة نوبية، فى أقصى جنوب مصر.. يا الله.. كان محافظاً جاهلاً هو والذين جاءوا به.
<< المهم الآن هو «مشروع متكامل» لتنمية إقليم النوبة.. ليس مجرد عدة بيوت تبنى من جديد.. ولكن ضمن مشروع تعميرى متكامل.. يعنى سكنى.. زراعى.. صناعى.. غذائى وسمكى، وتصديرى.. مع إعادة النظر فيما سبق أن دفعته الدولة للمتضررين عندما قدرت الحكومة عدة قروش مقابل النخلة الواحدة.. تخيلوا؟! على أن يتم تنفيذ هذا المشروع التنموى خلال مدة أقصاها خمس سنوات، وتلك هى البداية التى يتبناها الآن الرئيس السيسى.
وكم أتمنى أن تنفذ مصر ذلك بالتزامن مع إحياء أو استمرار مشروع تنمية وتعمير سيناء.. فهذا لا يجب أن يوقف ذاك.. وإذا كنا نطالب بمجلس وزراء مصغر لتنفيذ مشروع تنمية سيناء.. فلا أقل من وزير مسئول يتولى الإشراف على تنفيذ مشروعات تنمية النوبة وهذا ليس جديداً، فقد سبق أن أنشأنا وزارة لتعمير بورسعيد أو لمنطقة القناة مرتين، الأولى عقب العدوان الثلاثى 1956 أو عقب حرب أكتوبر 1973.
<< وكما يهمنى تنمية سيناء ليس فقط كحائط صد شرقى ضد إسرائيل وضد أطماع هكسوس غزة.. يهمنى أيضاً تنمية وتعمير النوبة لإجهاض محاولات فصل هذه المنطقة عن الوطن المصرى.. على أن يكون تنمية النوبة مشروعاً متكاملاً.. أى زراعياً بإنشاء مزارع نموذجية لزراعة الملايين من أشجار نخيل البلح والتمور ونستعيد بذلك تمور البرتمودة والسكوتى والإبريمى.. ليس فقط لتغطية السوق المحلية، ولكن أيضاً للتصدير.. وهنا أتذكر حجم صادرات تونس، والجزائر من هذه التمور الى كل دول أوروبا مع التوسع فى زراعة الكركديه، والنباتات الطبية هناك.
<< ثم إننى أتعجب.. هذه هى أوغندا التى عرفت كيف تستثمر بحيرة فيكتوريا لإنتاج أنواع من الأسماك وكذلك مصانع لتجهيز هذه الأسماك «وتشفيتها» وتجميدها وتصدرها لكثير من دول العالم.. فهل هذا غريب وصعب عليناً أن نفعل ذلك مع مياه بحيرة السد العالى وفيها نفس الأسماك وأفضلها أسماك قشر البياض.. وكذلك استزراع جمبرى المياه العذبة أيضاً فى مياه البحيرة.
ويجب ألا نخشى من أى تلويث لمياه هذه البحيرة، التى هى خزان مصر المائي.. إذا أخضعنا كل ذلك لعمليات زراعة وتصنيع أسماك دون أن نلوث مياه البحيرة.. تماماً كما يجب أن نقيم نظاماً للصرف الصحى للقرى الجديدة.. دون أن تلوث ـ أيضاً ـ مياه البحيرة.
<< وكل ذلك لمصلحة أبناء النوبة وتوفير فرص عمل لهم فى أراضى الآباء والأجداد.. وأيضاً لكل المصريين.. وهذا هو حلم أبناء النوبة الكرام.. وبعدها لا تخشوا شيئاً من دعاوى الانفصال.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف