الجمهورية
محمد نور الدين
"المحليات" .. فساد ودماء!!!
مازال مسلسل المآسي والكوارث يواصل حلقاته دون انقطاع.. كل يوم يقدم أحداثاً درامية مروعة. ومشاهد دموية مفجعة.. تنفطر لها القلوب. وتنقبض معها الصدور.. فالضحايا دائماً من الأبرياء بينما الجُناة في الأمان.. لا يلقون الجزاء المستحق.. لأن هناك ثغرات ومنافذ تسمح لهم بالنجاة!!
لن يكون حادث معدية "سنديون" الأخير.. وإنما التجارب والشواهد تؤكد وتهدد بتوالي المصائب.. طالما بقي الوضع علي ما هو عليه من التسيب والإهمال والتراخي.. وظلت المحليات علي حالها من التدهور والانحدار.. ينخر الفساد في أركانها. ويستشري في أوصالها.. ومادام القانون الرادع لا يعرف طريقه إلي التطبيق الصارم!!
مع كل حادث.. تقوم الدنيا ولا تقعد.. وكالعادة يتحرك المسئولون بعد أن تحدث الكارثة.. ويتسابق كل منهم في تقديم الوعود.. ويتألق أمام شاشات التليفزيون والصحف.. متعهداً بعلاج الأخطاء.. ومعاقبة المقصرين.. واتخاذ كافة الإجراءات التي تمنع وقوع المزيد من المآسي!!
وفي النهاية يطبق "التسعيرة" الشهيرة.. عدة آلاف لأسرة المتوفي.. ونصف القيمة للمصاب!!
نفس السيناريو يتكرر.. إذا سقطت عمارة فوق سكانها.. أو سالت دماء الركاب علي الأسفلت. إزاء حادث تصادم بين وسيلتي نقل.. أو فرم القطار سيارة بحمولتها أمام أحد المزلقانات.. أو غرقت معدية بركابها في عرض النيل.. يحدث كل هذا في الوقت الذي تملأ فيه الأحزان العميقة والكآبة الشديدة بيوت الثكالي والأرامل واليتامي!!
ما يضاعف الأسي.. أن الأسباب واضحة ومعروفة.. والمعالجة سهلة ومتوفرة.. لكن الأزمة في الجرأة والإقدام والتطبيق.. فالجميع يوقن جيداً أن أُس الفساد يكمن في الأجهزة المحلية. ومجالس المدن والأحياء.. التي يسيطر عليها الإهمال والتقاعس.. وتُدار معظم خدماتها بالفهلوة والرشوة.. ويتولي إدارتها أناس جاءوا بالمحسوبية والواسطة.. بينما الأكفاء والمهرة خارج دائرة الاختيار!!
في نفس الوقت.. لا يجد "القانون" من يطبق بنوده.. ولا يصادف مَن يصمم علي إعماله.. وبالتالي تواري الحسم والردع.. فاستغلها المفسدون فرصة.. لتحقيق أطماعهم. وتنفيذ أغراضهم ومآربهم. حتي ولو كان الثمن.. دماء وأرواح وممتلكات الكادحين!!
إن الكوارث لن تتوقف.. إلا إذا تطهرت المحليات من المرتشين والفاسدين والمتقاعسين.. وتولي الأكفاء ذوو الضمائر الحية. والقلوب الرحيمة. قيادة الدفة بكل مهارة واقتدار.. وسوف تنحسر الأحزان ويتقلص السواد.. إن انتفضت الأجهزة الرقابية تؤدي واجبها كما ينبغي.. وإذا حرص المسئولون كل في مكانه. علي تطبيق القانون الرادع والصارم.. علي أي من تسول له نفسه المتاجرة بأرواح الناس الغلابة!!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف