من المقرر أن تبدأ في أديس أبابا اليوم مباحثات اللجنة الفنية الثلاثية.. المصرية والسودانية والأثيوبية.. للنظر في طلب مصر بإضافة بوابتين إلي سد النهضة. إضافة إلي البوابتين الموجودتين في التصميم الحالي.. وذلك لتمرير المياه إلي النيل إذا ما توقفت التوربينات عن العمل. وأغلقت البوابتان لأي سبب.
كانت مصر قد طرحت هذا المطلب في الجولة الأخيرة "العاشرة" للمفاوضات السداسية التي عقدت في الخرطوم.. وردت أثيوبيا بأنها لا تمانع من حيث المبدأ.. ولكن أمامها مشكلتين.. الأولي تتعلق بإمكانية التنفيذ بعد أن اكتمل بناء جسم السد "الهيكل الخرساني" تقريباً.. والثانية تتعلق بالتكلفة الباهظة التي تتطلبها عملية إنشاء البوابتين.. ومع ذلك فإن بإمكان الخبراء الفنيين أن يبحثوا الأمر في أديس أبابا.. فإذا كانت هناك ضرورة. وكانت هناك إمكانية التنفيذ. فلا مانع بشرط أن تتحمل مصر التكلفة.
وسوف تبحث اللجنة الفنية اليوم وغداً هذين الأمرين.. الضرورة والتكلفة.. وقد استبقت مصر الاجتماع بإعلان استعدادها لتحمل التكلفة.. وقال المهندس أحمد بهاء. رئيس قطاع مياه النيل. رئيس الوفد المصري في اجتماعات اللجنة: إن مصر مستعدة لتحمل تكلفة إنشاء الفتحتين الإضافيتين في السد. إذا وافقت أديس أبابا علي المقترح.. وأن مصر ستعمل علي توضيح رؤيتها بخصوص الفتحتين من خلال دراسة فنية متكاملة لضمان تمرير المياه إلي دولتي المصب.. مصر والسودان.. في حالة حدوث أي طوارئ. تتسبب في إيقاف عمل توربينات توليد الكهرباء بجسم السد.. خاصة أن الدراسات المصرية أكدت صعوبة تمرير المياه في فترات الجفاف التي قد تتعرض لها الهضبة الأثيوبية.. وأن الأنفاق الأربعة السفلية التي تناولتها وسائل الإعلام هي أنفاق مؤقتة سيتم إغلاقها بالخرسانة بعد فترة الملء الأولي لبحيرة السد.
ولا شك أن تكلفة البوابتين الجديدتين ستكون باهظة. وستكون الفرصة سانحة أمام أثيوبيا لتحميلها بضعف ثمنها الطبيعي للحصول علي ما هو أكثر من التكلفة الحقيقية.. ونحن مستعدون أن نقتطع من قوتنا لندفع. ولكن بشرط أن نستيقظ هذه المرة ونطلب المقابل من خلال المفاوضات.. وهذا المقابل لا يكون كلاماً معسولاً. فقد شبعنا من الكلام المعسول.. وإنما يكون التزاماً صريحاً ومكتوباً وملزماً بألا تنتقص أثيوبيا من حصة مصر من المياه التي تأتي عن طريق النيل الأزرق. نقطة واحدة.
يجب أن يصر المفاوض المصري في الجولات القادمة علي ترجمة العبارة الجميلة التي وردت في اتفاق المبادئ "لا ضرر ولا ضرار".. وترجمة الأخوة والصداقة بين الشعبين العريقين إلي التزامات قانونية تضمن حق كل طرف.. ومن واجب أثيوبيا في هذه المرحلة أن تنظر بجدية إلي شواغلناـ مخاوفناـ من انتقاص حصتنا بسبب السد.. وأن تتعامل معها بما تستحق من الأهمية.. حتي تستمر علاقاتنا الأخوية وثيقة قوية.
نعم.. نحن المصريين مستعدون أن نقتطع من قوتنا لكي نساعد إخوتنا في أثيوبيا علي تطوير حياتهم وتنمية بلادهم.. ولكن ليس علي حساب أن نعطش ونموت.. وتبور أرضنا. وتذبل زراعاتنا. بسبب قلة المياه.. ليس هناك شعب في الدنيا يقبل بهذا.. وليس هناك شعب يقبل من أشقائه أن يفرضوا عليه سياسة الأمر الواقع.
فليكن ثمن البوابتين مقابل ضمان حصتنا في المياه.. وبعد ذلك ندخل في التفاصيل والاجتماعات والتصريحات والمماطلات. وخلافات المكاتب الفنية. وما إلي ذلك.. لأنناـ وبكل صراحةـ لسنا مطمئنين بعد أكثر من عامين من المفاوضات ومن الكلام المعسول.