دائماً هناك لحظات فارقة في حياة الإنسان، هذه اللحظات تكشف طبيعة الإنسان وقوته ومواقفه ومدي صلابته، أقول هذا بمناسبة ما ظهر في الإعلام مؤخراً ، وهو ما أعتبره كوميديا سياسية من مناقشة موضوع تدخل الأمن في السياسة وطرح السؤال هل يتدخل الأمن في السياسة وخاصه البرلمان!!،
، وما قاله الإعلامي النائب توفيق عكاشة، وما جاء في شهادة الدكتور حازم عبد العظيم تحت مسمي إبراء الذمة والخلاص من عقدة الضمير، والتردد في كتابة شهادته من عدمها!!
بداية فإن الحديث عن الإنتخابات أياً كان من فاز بها، نقول هل حدث بها تزوير لصالح فئة بعينها أم لا ؟، بالأدق هل كانت إنتخابات مجلس النواب عملية شفافة أم لا ؟.. هذا هوالسؤال وأعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال بشهادة غالبية المراقبين والمنظمات في وقتها، تجمع أنها تمت في أجواء شفافة لم يحدث بها تزوير، وكأي عملية انتخابية قد يشوبها بعض التجاوزات ولكنها لا تؤثر علي المضمون.
السؤال الثاني لماذا يتم طرح هذا الموضوع الآن؟.. هذا السؤال ولماذا يستيقظ الضمير فجأة قبل يوم 25 يناير ؟.. ولماذا هذا التشكيك في جهاز سيادي نشهد له جميعاً بالوطنية وبدوره الكبير في الحفاظ علي استقرار البلاد؟
ما حدث من السيد توفيق عكاشة يبدو للجميع - ظاهرياً - أنه رد فعل لعدم اختياره أوتدعيمه من قبل الدولة فيما كان يريد من رئاسة البرلمان.. فبدأ يقول أشياء لا يعرفها إلا السيد توفيق عكاشة من محاربة الدولة له، وأن الأمل في الإصلاح قد ضاع وأن العملية الديمقراطية لا أمل فيها!!
بالرغم من يقيني بأن الإعلامي المحترم توفيق عكاشة قد دخل البرلمان عن شعبيته الكبيرة في دائرته، إلا أنه يقيناً أيضاً أن السيد توفيق عكاشة علي علاقه دائمة بالأجهزة السيادية والأمنية، وأنه بالرغم من وطنيته إلاأن ما قاله عن نواب البرلمان يحركهم الأمن من أي تصرف لا يليق بنائب تحت القبة، لأنه وبمنتهي البساطة نقول إن كل إنسان حر فيما يفعل وكل نائب تحاسبه دائرته التي أتت به للبرلمان، فكل نائب يختار ما يشاء.. تحركه مبادئ حزبية، تحركه مبادئه الشخصية، تحركه قناعاته، يحركه الأمن، هو من يختار وكل إنسان مسئول عن اختياراته.
أما السيد حازم عبد العظيم فالإطار العام لا يخرج عما فعله الإعلامي توفيق عكاشة ولكن تختلف الرواية حسب الشخص ذاته وطبيعته ، ما قاله السيد حازم عبد العظيم ووصفه الدقيق للحدث والروايه بالتاريخ والساعة والمكان والغرض من الاجتماع كي يوثق كلامه، وأنا أصدق ما قال ولا أكذبه ولكن الموضوع ليس رواية استخباراتية مثل مسلسل رأفت الهجان أوغيرها من دراما الجاسوسية كما يريد أن يصدره للناس، من خلال طريقته للسرد التي نشهادها في دراما الجاسوسية.
لقد أتي بمفردات كلها تحمل معاني ومضامين متضاربة ومختلفة، يبدأ كلامه بخطورة تبعات هذه الشهاده التي لا يعرف من أين ستأتيه، ثم يلطش في الإعلام علي أنه مستنقع وسيتم إطلاقه عليه، ثم يأتي ويقول أنه لا يزايد علي أحد ولا هذا هدفه ثم بعدها يقول «...ولكن بالطبع سأزايد ونص على من يتطاول علي من خلابيص النظام ودراويشه» ثم يختتم الشهادة بقوله:
« ما هكذا تورد الإبل يا سيادة الرئيس... وما هكذا يولد البرلمان.. ولا هكذا تدار مصر بعد ثورتين».
وأيضاً ليس هكذا تكتب الشهادات أوتقدم النصائح المخلصة والخالصة علي حد تعبيرك أنت يا سيد حازم لأنك جلست وحضرت وفكرت وشاركت ثم بعد ذلك تجعلني أشكك في البرلمان - له ماله وعليه ماعليه ليس موضوعي -، الأمر الآن هو لماذا هذه الشهادة في هذا التوقيت ؟.. وما تأثيرها علي العملية البرلمانية بعد وجود برلمان بالفعل ؟ .. وتأثيرها علي العملية السياسية بشكل عام ؟ وما هي الأهداف الوطنية التي ستجنيها مصر من وراء هذه الشهادة ؟
في النهاية ليست من دراويش النظام، حتي لا يظن أحد أن وراء ما كتبت تشويه للسيد حازم عبد العظيم، الموضوع من الواضح أنه أكبر بكثير مما نتخيل أونتوقع وكل ما يفعلونه في رأي لا يصب في صالح الاستقرار بل يزيد الأمر تعقيداً، ولن يكون في صالح الجميع حكومة ومعارضة ومواطن عادي لا يهتم بالسياسة ولا يعرف الاعيبها مثلي.