الوطن
د. محمود خليل
«الشبشب» و«القبقاب»
الخناقات بين الزوج والزوجة واردة، والوفاق بينهما سريع، من تربى فى المناطق الشعبية يفهم تلك العبارة التى يقولها البسطاء، عقب «الخناقة» التى تنتهى بالصلح بين الزوج والزوجة، عبارة «الشبشب والقبقاب اصطلحوا». سعايات عديدة تشهدها الساعات الحالية والمقبلة لإصلاح ذات البين بين جماعة الإخوان والسلطة الحاكمة فى مصر، بعد شهور من الدم المسال بين الطرفين، مات فيها شباب من جماعة الإخوان فى رابعة والنهضة ورمسيس وغيرها تحت راية الدفاع عن الشرعية، وأريقت فيها دماء مجندين غلابة فى سيناء وداخل محافظات مصر المختلفة، تحت راية الدفاع عن الوطنية المصرية.

وكما امتلك كل طرف القدرة على إنتاج حجج لتبرير التضحية بدم الأنصار وإهراق دم الخصوم، فسوف تسمع منه لو سار فى طريق الصلح حججاً جديدة لتبرير المواقف. ستسمع السلطة تتحدث عن أهمية الوصول إلى «معادلة توافق» تجمع كل المصريين تحت رايتها، وأن مصر بحاجة الآن إلى نوع من التهدئة، حتى ينجح المؤتمر الاقتصادى، وتتدفق الاستثمارات إليها، لإنقاذ الاقتصاد قبل أن يتردى فى هوة أشد عمقاً من الهوة التى وقع فيها، ثم أليس هذا كلام «العالم الثورجية»، ألم يدع بعضهم منذ البداية إلى حقن الدماء، ويشدد على ضرورة التوافق بين الأطراف المختلفة المتصارعة، ألم يقل البرادعى نفسه ذلك؟!. وبعدين يا أخى دا السادات اتصالح مع اليهود، ألا يبرر ذلك التصالح مع الإخوان؟!. وبالنسبة للطرف الإخوانى سوف يسمعك ما يشنّف أذنيك من آيات الكتاب الكريم التى تدعو إلى التصالح وحقن الدماء، ألم يقل الله تعالى: «وَالصُّلْحُ خَيْرٌ»، «وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا».. سيسألونك: ألم تقرأ أن النبى، صلى الله عليه وسلم، عندما فتح مكة ترك قومه الذين طردوه وظلموه وقاتلوه، وقال لهم: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»، وبعدين يا أخى دا النبى اتصالح مع يهود المدينة على معاهدة تنظم العلاقات بين الطرفين.

ذلك ما أتوقع أن نسمعه من الطرفين إذا صحت التوقعات بعقد صلح بينهما، وفى كل الأحوال لست أرى غضاضة فى تهدئة الأوضاع والوصول إلى معادلة توافق بين كل الأطراف المتعارضة من أجل تحقيق الصالح العام، وإقالة بلادنا من عثرتها، لكننى أخشى ألا يكون الهدف من التصالح تهدئة الأوضاع من أجل التفرغ للتغيير والإصلاح، وأن يكون الغرض من الوصول إلى معادلة توافق بين الإخوان والسلطة هو الاتفاق على تقسيم مغانم السلطة بين الطرفين، وفض سيرة ما طالبت به ثورة يناير من تغيير وإصلاح. ومن يقرأ تاريخ العلاقة بين الإخوان والسلطة ما بعد ثورة يوليو 1952 يمكنه الوقوف على العديد من الأدلة المقنعة بأن أى توافق يحدث بين هذين الطرفين يكون أساسه الاتفاق على الشعب. ولو استرجعت الصفقات التى كانت تعقدها الجماعة مع السلطة أيام «المخلوع» فسوف تتأكد أن كعكة المال والأعمال، ومقاعد مجلسى الشعب والشورى، كانت تتوزع على الطرفين. وآخر اتفاق تم بينهما قبل ثورة يناير تمثل فى قرار الإخوان بعدم الاستجابة لدعوة الشباب للنزول يوم 25، رفضاً منهم لفكرة الثورة على مبارك، وعندما نزلوا كانت خطوتهم شؤماً على هذه الثورة، إذ سرعان ما هرولوا للجلوس مع المجلس العسكرى والتفاوض معه، وأخلوا الشوارع.. مش بقولك: «شبشب» و«قبقاب»!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف