كل عام ومصر بخير وشعب مصر فى فرح، والأعياد فى مصر لها مذاق خاص وطقوس تبعث على البهجة. ومنذ فجر التاريخ
والمصريون القدماء كانوا يصنعون أعيادهم للفرح ويتفنون فى صنع البهجة والسعادة لكل الشعب سواء بالأغانى والألحان أو بالرقصات الشعبية أو بالأكلات المميزة لكل عيد. وكانت الأعياد لا تميز بين حاكم ومحكوم أو غنى وفقير. وظلت الأعياد المصرية هكذا حتى بعد أن دخلت المسيحية والإسلام مصر، فالأعياد المسيحية فى مصر يشاركنا فيها المسلمون دون النظر إلى اختلاف العقيدة والإيمان فنرى مظاهر عيد الميلاد تدخل بيوت المسلمين، وهكذا أيضا فى أعياد المسلمين يشاركهم فيها المسيحيون ومظاهر العيد تدخل بيوت المسيحيين دون النظر إلى اختلاف الإيمان والعقيدة، فالدين لله والفرح للجميع.
وعيد الميلاد على وجه الخصوص له مظاهر فرح نتشارك فيها مع كل البشرية فشجرة الميلاد تزين كل دول العالم، فماذا لو فرحنا بشجرة الميلاد؟ هل معى هذا المشاركة فى الطقوس الدينية؟ فمثلا العالم كله يفرح مع شخصية الميلاد وهو «بابا نويل» و«نويل» كلمة فرنسية تعنى «أب الميلاد» وسبب وجود هذا الرمز هو ان بابا نويل كان سبب سعادة الفقراء والمساكين فى عصره فهو شخصية أسقف فى القرن الرابع الميلادى فى جنوب تركيا وكن يتخفى فى ليالى الأعياد ويذهب الى بيوت الفقراء ويلقى من النوافذ النقود والملابس ليفرحوا بالعيد أى لا يوجد فى القصة ابدا اى ارتباط بميلاد السيد المسيح، ولكن فى عام 1823م كتب الشاعر الأمريكى «كلارك هوريس» قصيدة اسمها «الليلة السابقة لعيد الميلاد» ووصف فيها هذا القديس، واستوحى منه رسام كاريكاتير اسمه «توماس نيست» وصف «بابا نويل» بثوبه الأحمر وحزامه الأبيض وحذائه الأسود وهو يحمل هدايا العيد ليوزعها على الفقراء فى ليلة عيد الميلاد. وليلة ميلاد السيد المسيح هى ليلة فرح فالملائكة الذين ظهروا لرعاة الخرفان فى الصحراء يبشرونهم بميلاد السيد المسيح قالوا لهم «على الأرض السلام وفى الناس المسرة والفرح». وإن كانت السماء قالت هذا ألا نفرح فعلا؟ يقول الشاعر جبران: «كان الزمن ليلا فصار فجرا وسيصير نهارا لأن أنفاس الطفل يسوع قد تخللت دقائق الفضاء والأثير. وكانت حياتى حزنا، فصارت فرحا، لأن ذراعى الطفل قد ضمتا قلبى وعانقتا نفسي، هذا الحب العظيم الجالس فى المزود المنزوى فى صدرى قد جعل الأحزان فى باطنى فرح». وجبران قال هذا لأن ميلاد السيد المسيح يعنى ميلاد السلام والحب فهو قد جاء إلى العالم حاملا رسالة السلام والحب لجميع الناس، فقد علمنا كيف نحب حتى أعداءنا، وكيف نقبل بعضا وأننا جميعا أعضاء جسد بعض. فى عيد ميلاد السيد المسيح لابد أن يعى العالم كله وصيته التى أوصى بها البشرية «أحبوا بعضكم بعضا». يا أجراس الميلاد أقرعى فى قلوبنا، أعلنى نهاية الظلمة والليل.