المساء
أحمد عمر
أصل الكلام -نار الإصلاح
يقول الحكيم "مافيش حلاوة من غير نار".. وحلاوة إصلاح حاضرنا وحياتنا لها نارها كذلك.. لها ثمن يتوجب علينا أن نكون مستعدين لتحمل تبعاته.. وتلح علينا مأثوراتنا الشعبية "من طلب العلا سهر الليالي.. ومن خطب الحور دفع أغلي المهور" كأنها تلقننا درساً وتعلمنا واحداً من نواميس الحياة.. ورغم ذلك مازال الكثيرون منا يريدون الحلاوة من غير نار.. يطلبون إصلاحاً بلا ثمن.. قل ينشدون وهماً.. كبيت شعر منسوب للإمام الشافعي رضي الله عنه يقول "من رام العلا من غير كد.. أضاع العمر في طلب المحال".
ومازالت تجربة اللبناني كارلوس غصن في تحقيق النهوض التاريخي لشركة نيسان للسيارات واقالتها من عثرتها خلال عامين فقط محط أنظار الدارسين في علوم الإدارة والاقتصاد.. اعدوا عن تجربته رسائل ماجستير ودكتوراه.. والآن يطالب بعض اخواننا اللبنانيين بالزلمة ليكون رئيساً للجمهورية.. يقولون ان أحداً لن ينقذ لبنان من عثرتها إلا غصن بينما الأخير يؤكد علي ألا شأن له بالسياسة.. غصن الذي يوصف بقاتل التماسيح والرجل الجاد يترأس حاليا ثلاث شركات عالمية للسيارات يشتغل بها 450 ألف عامل.. فبالاضافة لنيسان اليابانية يترأس رينو الفرنسية وافتوفاز الروسية.. غصن قدم تجربته في كتاب اسماه "التحول" يقول: "أبحث فيمن معي عن الالتزام والاصرار.. عن حس المسئولية والنزاهة".. يتبع سياسة "الباب المفتوح للأفكار" فغصن المتواضع مستمع جيد للعمال.. يركز علي النتائج والأداء.. يعتمد أسلوب تكوين فرق متخصصة للقيام بالأعمال وتطوير كل زاوية.
بدأ عملية الانقاذ بسؤال بسيط في عنبر الانتاج "كم تتكلف السيارة..؟" فلم يجد جواباً.. وقرر أن تكون هناك إجابة محددة.. كان عليه تخفيض التكلفة وتحسين الجودة.. فلجأ إلي تفكيك شبكات الموردين للخامات وقطع الغيار وباع الاصول الهامشية إنما الاصعب كان إجراء تعديلات جذرية علي الهياكل المالية والإدارية فقد تطلبت تغييرا في ثقافة العمل اليابانية الشبيهة بالواقع المصري الحالي المتمسك بنظام الوظيفة الثابتة مدي الحياة.. ألغي نظام الترقية المعتمد علي الأقدمية.. فكان هدفا للغضب الشعبي لكن خلال عامين تخلص من ديون بلغت 20 مليار دولار وفي العام الثالث حقق ارباحا 9% ثم أصبحت نيسان الموشكة علي الافلاس واحدة من أغني شركات السيارات في العالم.. وكلما حقق هدفا وضع غصن أهدافا جديدة.
لم تلسع نار الاصلاح غصن وحده بعدما اضطر في البداية لإغلاق 5 مصانع وفصل 21 ألف موظف كانوا يمثلون 21% من قوة العمل.. لكن نجاح الاصلاح فيما بعد أدي لمضاعفة عدد المصانع والعمال.
نحتاج تدريس تجربة كارلوس غصن في مدارسنا ومعاهدنا.. وأن تكون مقرراً إجباريا لموظفينا ورؤساء شركاتنا ومؤسساتنا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف