الجمهورية
صفوت عمران
مصر والتحديات الصعبة!
لا ينكر أحد أن الشعب المصري بعد ثورتين زادت طموحاته في أن يعيش حياة أفضل حلم بإقامة دولة ديمقراطية حديثة تحترم قيمه الدينية وتواكب تطورات العصر وتقدر إنسانيته وحقوقه الطبيعية في سكن آدمي وعلاج مجاني وتعليم جيد وفرصة عمل تناسب مؤهلاته ووضع الرجل المناسب اعتمادا علي الكفاءة فقط مع التقاطع علي الوساطة والمحسوبية وكروت التوصية وغيرها من الأحلام الوردية التي صاحبت اغلبية شعبنا الذي ظل يعاني من الفساد والاستبداد لعقود طويلة ومازال وذاق مرارة التبعية للغرب الذي نهب ثرواته ومازال.
هل يبقي السؤال هل حياتنا أصبحت أفضل لا أحد ينكر أن ما فعله المصريون في ثورتي يناير ويونيه غير مجري التاريخ لكن ما يجري في القاهرة لا يجري بمعزل عن المتغيرات التي يشهدها العالم شرقه وغربه وأن قواعد اللعبة العالمية والتي تتحكم فيها أمريكا لم تتغير كثيرا يبقي السؤال: هل معني ذلك أن نستسلم "شعب ودولة" ونرفع الراية البيضاء ونعلن قبولنا الدوران في فلك واشنطن من جديد وتنفيذ أجندتها في العالم العربي أم أننا سوف نتعلم الدرس ونضع استراتيجية واضحة للخروج من تلك الدائرة استراتيجية لا تعتمد علي التصريحات العنترية أو الآمال الوردية وإنما تدرك حجم المخاطر الداخلية والاقليمية والدولية التي تشهدها كل تلك الدوائر كل منها علي حدا أو مجتمعه.
بداية ساذج أو مخطئ من يتصور أن أمريكا يهمها إقامة ديمقراطية حقيقية في أي مكان في العالم بل تصدر ذلك ذريعة للتدخل في شئون مختلف الدول بادعاء أنها حامية الديمقراطية والحرية فما يهم أمريكا أن تظل كل خيوط اللعبة في يدها وتحرك الجميع كعرائس المارونيت لتضمن استمرار تدفق الطاقة تحديدا النفط الذي تملك أكبر احتياطي عالمي منه ويبلغ 200 ضعف احتياطي السعودية أكبر دولة منتجة له ثم السلاح وتجارته ويضاف لذلك هدف استراتيجي ثالث عندما يتعلق الامر بالعالم العربي وهو ضمان أمن وقوة الكيان الصهيوني "إسرائيل" وواشنطن تدرك أن النفط متوقع أن ينضب في السعودية ودول الخليج بحلول 2020 لذا لن يكون لها أهمية استراتيجية لذا بدأت منذ عقود التمهيد لنقل ثقلها المالي والاقتصادي والعسكري إلي جنوب شرق آسيا لمواجهة الخصمين الصاعدين "الصين وروسيا" مرة بالمواجهة ومرات بالتعاون أو العكس فيما يشبه تحريك قطع الشطرنج كما أن واشنطن حريصة علي اشعال الحروب في مختلف انحاء العالم من أجل تشغيل مصانع وشركات السلاح التي بلغ حجم مبيعاتها العام الماضي نحو 2 تريليون دولار وهو ما ينقذ الاقتصاد الامريكي الذي يعاني من مصاعب عديدة تهدد بانهياره بأي وقت وهوما جعل اقتصادها الاقوي عالميا في .2015
ولابد أن ندرك جميعا "حكومة وشعباً" تلك المتغيرات لتفادي متفجرات وقنابل الشرق الأوسط الجديد الهادفة لتفتيت دول المنطقة لعدة دويلات حيث تسعي واشنطن إلي "لبلنة العالم العربي" أي تعميم النموذج اللبناني سواء عبر أنظمة عميلة توافق علي التفتيت السلمي أو إشعال حروب أهلية طاحنة تنتهي إلي دولة طائفية بلا قدرة علي الحركة وتمارس الجري في المحل أو الدوران حول النفس دون أي خطوة نحوالاتجاه الصحيح أو التقسيم لعدة دويلات طائفية أيضا وهو ما يجدي الحديث عن تطبيقه الآن في العراق واصبح أحد أكثر الحلول المطروحة لانهاء الأزمة السورية.
يبقي السؤال أين مصر من كل ما يجري وما يحدث؟.. الخبراء الأمريكان ينصحون بتجديد الثقة مع مصر استنادا لخبرة التعاون معها منذ حرب أكتوبر 73 واتفاقية كامب ديفيد 1979 ووفقا لمصادر أمريكية فإن إدارة أوباما قبلت بالأمر الواقع مؤقتا لكن يبقي الخطر هل يلعب الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظامه مع واشنطن بقواعد جديدة تقوم علي استقلال القرار الوطني وتحقيق مصالح مشتركة بينا لبلدين أم تظل مصر تابعة والسيسي يتحمل ميراث مبارك.
الواقع أن الرئيس يواجه لوبي يحاول اسقاطه وافشاله لوبي يضم مكونات متعددة الاتجاهات وهو ما يستوجب فضح ذلك المخطط المشبوه وجميع اطرافه وترتيب بيتنا من الداخل والاحتماء بالشعب فمن يحتمي بغير شعبه يذل وذلك عبر قرارات واجراءات حاسمة يطلع عليها الشعب الذي اصبح هناك آلاف "يلعبون في دماغه" لجعله يكفر بالنظام الجديد فلن نبني الثقة بين المواطنين والنظام بحملات ترويج إعلامية فقط فالمواطن يبحث عن تحسين أحواله المعيشية وفرصة عمل تغنيه عن السؤال وليس مجرد شعارات وهوما يستوجب المصارحة بين "الرئيس والشعب" وبدء مرحلة العمل والبناء لإقامة دولة العدل التي تحترم جميع ابنائها وتمنحهم كافة حقوقهم دولة لا تتصالح محع الفساد والاستبداد ولا ترضخ لضغوط الإرهاب وجماعة العنف والتطرف المصنوعة غربيا دولة لا تهدر أعمار أبنائها فيما لا يفيد وتعلم أن النظام لا يعيش بدون رضاء شعبي واسع وحقيقي وليس مصطنعا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف