المساء
محى السمرى
ناس وناس- قصة دخول المسيحية مصر
فيما اعتقد أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تحتفل بعيد الميلاد المجيد يوم 7 يناير من كل عام.. لأن غالبية إن لم يكن كل دول العالم تحتفل بهذه المناسبة يوم 24 ديسمبر وهو ما يعرف "بالكريسماس" ويحتفل به غالباً.. أصحاب المذهب الكاثوليكي.. أما في مصر فإن الاحتفال بعيد 7 يناير هم أصحاب كل المذاهب وخاصة "الارثوذكس"..
والحقيقة أن المسيحية دخلت مصر منذ أكثر من 1955 عاماً.. ويروي القائمون علي أمر التاريخ القبطي المعتمد من الكنيسة القبطية حكاية جميلة عن دخول المسيحية إلي مصر وقد وجدت أنها جديرة بالتسجيل.. تقول الرواية انه في عام 61 ميلادية جاء إلي الإسكندرية قادماً من ليبيا وكانت معروفة باسم "المدن الخمس".. مرقص الرسول وذلك لكي يبشر بالدين الجديد أي.. المسيحية. وأخذ يسير في شوارع الإسكندرية وقد فُتِن بجمالها وروعتها حزيناً علي ما بها من شرور قام بها الرومان ضد الشعب.. وظل يسير في شوارعها حتي أنه نسي التعب ونسي الطعام والجوع.. وعند المساء انقطع الحذاء وسار يبحث عن منقذ له.. فوجد حانوت اسكافي فطلب منه اصلاح الحذاء.. وبينما كان يباشر عمله اصابته "الابرة" في أصبعه.. وصاح الاسكافي قائلاً "الله" وقد سالت منه الدماء.. وسأله مرقص الرسول.. لقد سمعتك تهتف بالله.. رد الاسكافي لقد قلت الله الواحد.. وهذه الجملة سمعتها وإن كنت لا أعيها أو أعرفها.. رد مرقص الرسول.. أنني أعرف ما قلت جيداً فقد جاءت مع ما بشر به المسيح.. وظل يحكي له معجزة ميلاده.. وكيف عَلّم الناس وافتداهم بأن ارتضي أن يعلق علي الصليب ثم دفُن وقام من الأموات وصعد إلي السماء..
ظل "ايناتوس" "حنانيا" وهو اسم الاسكافي يستمع إلي ما يقوله مرقص الرسول وهو منبهر مما يسمع ووجه له الدعوة لكي يذهب إلي بيته ويحكي لأهله وجيرانه حكاية المسيح.. كما رواها له.. والكل يستمع وينبهر.. وفي كل يوم تزدحم دار حنانيا بعشرات ومئات من الناس.. حتي اصطبغ بالصبغة المقدسة وتستمر رواية المؤرخين.. حيث ذكروا انه عندما اعتزم مرقص الرسول أن يبارح الإسكندرية بعد أن أمضي فيها نحو ثلاث سنوات أمضاها كلها في الدعوة إلي الديانة المسيحية.. يعاونه في ذلك ايناتوس "حنانيا" قرر أن يرسمه بابا الإسكندرية باعتباره أول المؤمنين بالديانة المسيحية وبذلك أصبح أول بابا بعد مرقص الرسول..
هذه هي حكاية دخول المسيحية إلي مصر.. وقد تعرض الذين آمنوا بالمسيحية لشتي أنواع العذاب علي يد اباطرة الرومان وحكام مصر الرومانيين وعددهم يزداد باستمرار وكان الوشاة يتحرشون بهم باعتبارهم عُصاة ومتمردين وأدانوا بالمسيحية عكس ما يدين به الرومان.. وبالتالي كانوا يساقون إلي التحقيق والمحاكم والتعذيب.
وظلت أشكال التعذيب والترويع للمسيحيين مستمرة مع كل الأباطرة والحكام إلي أن فتح المسلمون مصر في عام 640 ميلادية.. وقد بلغ اضطهاد الرومان الديني للمصريين أشده حتي اضطر اسقف الإسكندرية المصري "بنيامين" إلي الاختفاء وقيادة حركة سرية للمقاومة ضد الرومان.. وظل بنيامين مختفياً حتي فتح عمرو بن العاص مصر.. وعلم بقصة هذا الأسقف المصري واختفائه.. فأصدر إلي جميع الأقاليم كتاباً أعطي فيه العهد والأمان والسلامة لبنيامين وله أن يحضر آمناً مطمئناً ويدير بيعته وسياسته الطائفية.. وعندما وصل بنيامين مضمون هذا الكتاب حتي عاد إلي الإسكندرية وتولي رئاسته الدينية بعد غيبة دامت 13 سنة وألقي بنيامين خطاباً أمام عمرو جاء فيه.. عدت إلي بلدي الإسكندرية فوجدت بها أمناً من الخوف واطمئناناً بعد البلاء وقد صرف الله عنا اضطهاد الكفرة "الرومان" وبأسهم. وترك عمرو له الحرية الكاملة في رعاية شئون المسيحيين وتدبير أمورهم.
الحقيقة أن قصة دخول المسيحية إلي مصر تصلح أن تكون فيلماً سينمائياً.. لذا آثرت أن اذكرها.
أما قصة مقدم المسيح إلي مصر فهي سيناريو سياحي جدير بالتنفيذ.. فهو يتضمن شرحاً وافياً لكل الأماكن التي زارها مع السيدة مريم.. وقد نادي الكثيرون بضرورة اعداد برنامج سياحي يتضمن زيارة كل الأماكن المقدسة.. ولكن ماذا سيشاهد أي سائح في هذه الأماكن! بصراحة لا يوجد شيء علي الاطلاق ولذا يجب علي الفنانين ورجال الفكر تخيل كيف كانت هذه الأماكن قديماً.. ويقيمون فيها مناظر تخيلية مع بناء أماكن بسيطة للاقامة.. هنا فقط تصلح قصة زيارة المسيح لمصر.. لكي تكون برنامجاً سياحياً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف