وائل لطفى
قطار مصر ينطلق للأمام.. وللخلف أيضًا ! أعداء الرئيس السيسى
>>زيارة الرئيس للكنيسة وحديثه عن التنوع والاختلاف خطوة كبيرة للأمام لكن هناك من يتخذ خطوات أخرى تجرنا للخلف
>>فى نفس يوم زيارة الكنيسة صدر قانون يعيد لنساء الصعيد حقوقهن الضائعة فى الميراث وهذه خطوة أخرى كبيرة للأمام
>>الذين يغلقون المسارح ويتحرشون بدور النشر ويحبسون باحثًا أخطأ يجرون مصر للخلف ويمضون ضد التوجه الذى أعلنه الرئيس ليلة عيد الميلاد
>>الهجوم على حمدين صباحى واغتياله لأنه حاول أن يعارض النظام من على أرضيته خطوة أخرى للخلف تضُيّع الخطوات التى يتخذها الرئيس للأمام
>>وهو يبدو واعيًا للغاية بمعنى الوحدة الوطنية، ليس فقط لأنه زار الكنيسة فى سنتين متتاليتين ليهنئ الأقباط فى عيدهم، ولكن لأن شوكة السلفيين انكسرت فى عهده..والسلفيون هؤلاء ليسوا حزبًا أو جماعة...ولكنهم كانوا الحكومة العرفية التى حكمت شوارع وقرى مصر لمدة أربعين عامًا أو يزيد تولوا فيها أمور التعليم والصحة والفتوى والتحريض ضد شركاء الوطن.
>>من الخطوات التى تجر القطار إلى الخلف أيضًا ما يفعله المتطرفون فى تأييد الرئيس)وأظن نفسى من مؤيدى الرئيس دون تطرف أو تزيُد( من رفض ظهور أى رأى يعارض الرئيس حتى ولو كان على أرضية الاعتراف بشرعية النظام، وتمنى التوفيق له، ولعل رد فعل بعض وسائل التواصل الاجتماعى على حوار السياسى المعروف حمدين صباحى الأخير تشى بذلك.
وكأن مصر قطار واقف فى منتصف الطريق، ينطلق للأمام فنفرح وتغرد قلوبنا، لكنه يتوقف فجأة ويبدأ فى السير للخلف، فنحزن وتنقبض قلوبنا.. لكنه لا يلبث أن يسير للأمام بضع خطوات.. فيعاودنا الفرح... ثم يعيد الكرّة ويسير للخلف مرة أخرى... وهكذا دواليك
والمعنى أننا نسير خُطوة للأمام.. وخُطوة للخلف.. وليس هذا حال الأمم التى تريد الانطلاق فى طريق المستقبل.
>>>
خذ عندك مثلًا زيارة الرئيس السيسى للكاتدرائية، والكلمة القصيرة التى ألقاها هناك، هذه ولا شك خُطوة كبيرة للأمام، أفرحت قلوب المصريين فرحة حقيقية، وكان الأهم من الزيارة الكلمة التى ألقاها الرئيس، وكشفت عن وعى حقيقى بمعانى مثل (التنوع) و(الاختلاف)، والتى ركز عليها الرئيس فى كلمته أكثر من مرة.
بشكل عام فإن الرئيس السيسى هو أفضل رئيس مصرى صاغ علاقة طيبة مع الأقباط.. (هو وعبد الناصر بالطبع)، فالسادات ناصب رأس الكنيسة العداء، وسمى نفسه الرئيس المؤمن، وفى عهده ظهرت حوادث الفتنة الطائفية، ومبارك كان كما وصف نفسه (دكتوراه فى العند)، ولعب مع البابا مباراة تحدٍ هادئة، ولم يذهب للكنيسة مرة واحدة، واستمرت حوادث الفتنة الطائفية فى عهده، واستخدمت بعض أجهزة الدولة السلفيين ضد الأقباط فى أحداث معينة، وحرضّت الأهالى ضدهم فى أحداث أخرى، وفى عهد مبارك وقعت أحداث الكشح الأولى والثانية، ووقعت وقائع كثيرة كان آخرها تفجير كنيسة القديسين، التى بقى الفاعل فيها مجهولًا حتى الآن.
السيسى ليس السادات وليس مبارك، وعدد أعضاء مجلس النواب فى عهده يفوق 3 أضعاف عددهم فى مجالس الأمة فى عهد الرئيس عبد الناصر.
وهو يبدو واعيًا للغاية بمعنى الوحدة الوطنية، ليس فقط لأنه زار الكنيسة فى سنتين متتاليتين ليهنئ الأقباط فى عيدهم، ولكن لأن شوكة السلفيين انكسرت فى عهده.. والسلفيون هؤلاء ليسوا حزبًا أو جماعة... ولكنهم كانوا الحكومة العرفية التى حكمت شوارع وقرى مصر لمدة أربعين عامًا أو يزيد تولوا فيها أمور التعليم والصحة والفتوى والتحريض ضد شركاء الوطن.
وقد أنهى السيسى كل هذا، ولم يعقد صفقات مع السلفيين، وقد خرجوا من تحالف 3 يوليو بأقل القليل من المكاسب.
نحن إذن أمام رئيس ذى فكر يمكن وصفه بالتقدمى فى مسألة الوحدة الوطنية، والعلاقة بالقوى الدينية المتزمتة والرجعية، (وإن كان للسلفيين ذيول وجيوب ونفوذ لم ينته بعد).
>>>
من الخطوات الإيجابية، والتى تشعرك بأن القطار يسير للأمام أيضًا وافقت الحكومة فى نفس يوم زيارة السيسى للكاتدرائية على مشروع قرار يمكن وصفه بأنه ثورة اجتماعية، وهو مشروع ينصف مئات الآلاف من المصريات اللاتى كن يُحرمن من الميراث فى صعيد مصر وقراها المختلفة باسم العرف والتقاليد، ويقضى مشروع قرار رئيس الجمهورية بتجريم الامتناع العمدى عن تسليم جزء من الميراث أو جزء منه، وهو يعاقب بالحبس والغرامة من امتنع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى من الميراث..إلخ
هذه أيضا خُطوة كبيرة للأمام، فبعد خُطوة زيارة الكنيسة، والحديث الواعى عن التنوع والاختلاف والوعد ببناء الكنائس المحترقة، ها نحن أمام خُطوة ترفع ظُلمًا تاريخيًا على مئات الألوف من النساء فى صعيد مصر... لكن هذا للأسف ليس كل شىء!
>>>
فإلى جانب هذه الخطوات المفرحة التى يخطوها القطار للأمام، تأتى الخطوات الأخرى التى تتخذها نفس الدولة ونفس نظام الرئيس للخلف، لتعطل القطار، وتشوش الصورة، وتحزن القلب.
من هذه الخطوات للخلف مثلًا أن تأخذ جهات معينة على عاتقها إغلاق مركز ثقافى مهم مثل (الداون تاون)، ومسرح ثقافى مثل مسرح روابط، وأن تتحرش نفس هذه الجهات بدار نشر صغيرة ومهمة مثل دار نشر ميريت، فى حين أننا لو طبقنا ماقاله الرئيس فى الكاتدرائية عن الحق فى (التنوع) و(الاختلاف)، سنجد أنها تصلح للتطبيق على مرتادى هذه الأماكن من شباب المثقفين الذين يخالفون الأغلبية فى الرأى طالما أنهم لايمارسون العنف ولا الإرهاب، بل لعلهم بثقافتهم وغضبهم ورفضهم أحد أسباب حيوية مصر، ولعلهم أولى بالاستيعاب عنهم من المنع.
>>>
من الخطوات التى تأخذ القطار للخلف أيضًا، وتناقض المواقف التقدمية التى يتخذها الرئيس فى ملفات الأقباط والمرأة والشباب أيضًا.. ذلك الحكم النهائى الذى حكم به على الباحث إسلام بحيرى، ومبدئيًا أنا لا أحب ولا أوافق على الطريقة التى تحدث بها إسلام بحيرى فى فترته الأخيرة، وبعد أن عرف الطريق للشهرة، ومبدئيًا أيضًا أعرف أن الدولة ليس لها سلطان مباشر على أحكام القضاء، لكننى أعرف أن حبس باحث حاول أن يجتهد يسئ لصورة مصر فى الخارج ويؤذى مشاعر مصريين فى الداخل، وأعرف أيضًا أن الأزهر كان طرفًا مباشرًا فى الخصومة مع إسلام بحيرى، وأن تقرير الأزهر المقدم للمحكمة هو الذى أدان الباحث واثبت عليه تهمة ازدراء الدين.
ورغم أننى أعرف كل هذا، إلا أن الناس فى مصر يُحمّلون الدولة مسئولية كل ما تجرى به المقادير من أحداث، وأرى أن مؤسسة من مؤسسات الدولة (هى الأزهر) تسببت فى خطوة تجعل القطار يرجع إلى الخلف، وأساءت لصورة مصر فى الخارج، وأعرف أيضًا أن رموز هذه المؤسسة لم يؤدوا الأمانة التى كلفهم بها الرئيس ولم يبدأوا فى عملية جادة لإصلاح الخطاب الدينى، ولا أظن أنهم سيبدأون أبدًا، وهذه خطوة أخرى تجر القطار إلى الخلف.
>>>
من الخطوات التى تجر القطار إلى الخلف أيضًا ما يفعله المتطرفون فى تأييد الرئيس (وأظن نفسى من مؤيدى الرئيس دون تطرف أو تزيُد) من رفض ظهور أى رأى يعارض الرئيس حتى ولو كان على أرضية الاعتراف بشرعية النظام، وتمنى التوفيق له، ولعل رد فعل بعض وسائل التواصل الاجتماعى على حوار السياسى المعروف حمدين صباحى الأخير تشى بذلك.
لم أتابع الحوار على شاشة دريم، ولكننى قرأت ملخصًا له نقلته المواقع من صفحة صباحى الشخصية، وكان من ضمن ماجاء فيه أنه لم يدعُ للنزول فى 25يناير المقبل، وأنه دعا الشباب للتفكير فى مدى استفادة جماعة الإخوان من التظاهر فى 25يناير (وهى بالتأكيد ستستفيد).
وكان مما قاله أيضًا، وحرص على ذكره أنه يسأل من يطالبون بإسقاط النظام ما البديل ؟
وكما قلت فإن الرجل كان حريصًا على أن يذكر عددًا من النقاط يكشف تحليلها عن أنه يعارض توجهات الرئيس، مع الاعتراف بشرعيته بل وشعبيته أيضًا. وهو ما يمكن قبوله فى إطار (التنوع والاختلاف) اللذين تحدث عنهما الرئيس.
ومع ذلك كان رد فعل مؤيدى الرئيس على فيس بوك ضاريًا، وانهال البعض على حمدين صباحى باتهامات الخيانة، والعمالة، ونشر له البعض صورة وهو يأكل (الجمبرى)، وكانت هذه جريمة كبرى أو دليل فساد سياسى، ونشر له آخرون فيديو وهو يقابل الرئيس المعزول محمد مرسى فى بداية حكمه، رغم أن الرجل بذل جهدًا كبيرًا فى مقاومة الإخوان والإعداد لـ30يونيه. وكان المطلوب ألا يكون هناك أى صوت مختلف حتى ولو على نفس الأرضية، والحقيقة أنه ما هكذا تورد الإبل، ولا هكذا تدار السياسة، ولا هكذا ينطلق قطار مصر للأمام، رغم أن الرئيس يحاول وينجح..أحيانًا.